فقال: خص اللَّه بها المؤمنين. قال: فقلت له: ما تقول: إن كان قاتلًا أو كان قاتلًا عبدا يهوديا أو نصرانيا؟ قال: فسكت.
قال أبي: وإنما احتججت عليه بهذا؛ لأنهم كانوا يحتجون علي بظاهر القرآن، ولقوله: أراك تنتحل الحديث.
وكان إذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد، فيقول: يا أمير المؤمنين، واللَّه لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار. فيعيد ما شاء اللَّه من ذلك، ثم أمرهم بعد ذلك بالقيام، وخلا بي وبعبد الرحمن، فيدور بيننا كلام كثير، وفي خلال ذلك يقول لي: تدعو أحمد بن أبي دؤاد.
فأقول: ذلك إليك.
فيوجه إليه فيجيء فيتكلم، فلما طال بنا المجلس قام، ورددت إلى الموضع الذي كنت فيه، وجاءني الرجلان اللذان كانا عندي بالأمس، فجعلا يتكلمان، فدار بيننا كلام كثير، فلما كان وقت الإفطار جيء بطعام على نحو مما أتي به في أولى ليلة فأفطرا وتعللت، وجعلت رسله تأتي أحمد بن عمار، فيمضي إليه ويأتيني برسالته على نحو مما كان أول ليلة، وجاءني ابن أبي دؤاد فقال: إنه قد حلف أن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يحبسك في موضع لا ترى فيه الشمس.
فقلت له: فما أصنع؟ .
حتى إذا كدت أن أصبح قلت: لخليق أن يحدث من أمري في هذا اليوم شيء. وقد كنت أخرجت تكَّتي من سراويلي، فشددت بها الأقياد أحملها بها إذا توجهت إليهم، فقلت لبعض من كان مع الموكلين: ارتَدْ لي خيطا، فجاءني بخيط، فشددت بها الأقياد، وأعدت التكة في