ويكلمونه، فما لحن ولا ظننت أن يكون أحد في مثل شجاعته وشدة قلبه.
قال أبو الفضل: دخلت على أبي رحمة اللَّه عليه يومًا وقلت له: بلغني أن رجلًا جاء إلى فضل الأنماطي، فقال: اجعلني في حل إذ لم أقم بنصرتك. فقال فضل: لا جعلت أحدا في حل.
فتبسم أبي وسكت، فلما كان بعد أيام مررت بهذِه الآية:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى: ٤٠] فنظرت في تفسيرها فإذا هو ما حدثني به هاشم بن القاسم قال: حدثنا المبارك قال: حدثني من سمع الحسن يقول: إذا جثت الأمم بين يدي اللَّه تبارك وتعالى يوم القيامة نودوا: ليقم من أجره على اللَّه. فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا (١).
قال أبي: فجعلت الميت في حل من ضربه إياي، ثم جعل يقول: وما على رجل ألا يعذب اللَّه بسببه أحدًا.
"سيرة الإمام أحمد" لصالح ص ٥١ - ٦٥
قال ابن بطة: وأخبرني أبو عمرو عثمان بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن هارون قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الحميد الكوفي قال: سمعت عبيد بن محمد القصير قال: سمعت من حضر مجلس أبي إسحاق يوم ضرب أحمد بن حنبل، فقال له أبو إسحاق: يا أحمد، إن كنت تخشى من هؤلاء النابتة جئتك أنا في جيشي إلى بيتك حتى أسمع منك الحديث.
قال: فقال له: يا أمير المؤمنين، خذ من غير هذا، واسأل عن العلم، واسأل عن الفقه، أي شيء تسأل عن هذا؟
(١) رواه أسد بن موسى في "الزهد" (٨٠) عن المبارك بن فضالة، عن رجل، عن الحسن به.