للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستكمل الإيمان، ولا يستكمل الإيمان إلا بالعمل، ولن يستكمل عبد الإيمان ولا يكون مؤمنًا حقًا حتى يؤثر دينه على شهوته، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه.

يا سفيه ما أجهلك! لا ترضى أن تقول: أنا مؤمن، حتى تقول: أنا مؤمن حقًّا مستكمل الإيمان! واللَّه لا تكون مؤمنًا حقًّا مستكمل الإيمان حتى تؤدي ما افترض اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليك، وتجتنب ما حرم اللَّه عليك، وترضى بما قسم اللَّه لك، ثم تخاف مع هذا أن لا يقبل اللَّه منك.

ووصف فضيل الإيمان بأنه قول وعمل، وقرأ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥] فقد سمى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ دينًا قيمًا بالقول والعمل، فالقول: الإقرار بالتوحيد، والشهادة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبلاغ، والعمل: أداء الفرائض واجتناب المحارم، وقرأ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)} [مريم: ٥٤، ٥٥]. وقال عَزَّ وَجَلَّ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: ١٣].

فالدين: التصديق بالعمل كما وصفه اللَّه، وكما أمر أنبياءه ورسله بإقامته، والتفرق فيه: ترك العمل، والتفريق بين القول والعمل.

قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١] فالتوبة من الشرك جعلها اللَّه قولًا وعملًا، بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.

وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة، ولا الزكاة، ولا شيء من الفرائض من الإيمان، افتراء على اللَّه! وخلافا لكتابه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-،

<<  <  ج: ص:  >  >>