قلت: بخير، فقال بشر: أنا أخصه بالدعاء في كل وقت، وأبتدئ به ثم بنفسي، ولولاه واستقامته في هذا الأمر هلكنا آخر الأبد.
"المحنة" لعبد الغني المقدسي ص ١١٧ - ١١٩
قال أبو علي حنبل: حضرت أبا عبد اللَّه وأتاه رجل في مسجدنا، وكان الرجل حسن الهيئة، كأنه كان مع السلطان، فجلس حتى انصرف من كان عند أبي عبد اللَّه، ثم دنا منه فرفعه أبو عبد اللَّه لما رأى من هيئته، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، اجعلني في حل.
قال: من ماذا؟
قال: كنت حاضرًا يوم ضربت، وما أعنت ولا تكلمت، إلا أني حضرت ذلك.
فأطرق أبو عبد اللَّه ثم رفع رأسه إليه، فقال: أحدث للَّه توبة، ولا تعد إلى مثل ذلك الموقف. فقال له: يا أبا عبد اللَّه، أنا تائب إلى اللَّه تعالى من السلطان، قال له أبو عبد اللَّه: فأنت في حل وكل من ذكرني إلا مبتدع.
قال أبو عبد اللَّه: وقد جعلت أبا إسحاق في حل ورأيت اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}[النور: ٢٢] وأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر بالعفو في قضية مسطح (١).
ثم قال أبو عبد اللَّه: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك. ولكن تعفو وتصفح عنه، فيغفر اللَّه لك كما وعدك.
"المحنة" لعبد الغني المقدسي ص ١٥٩ - ١٦٠
(١) رواه الإمام أحمد ٦/ ٥٩، والبخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنهما-.