للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أتت تلك الريح على أشياء لم تدمرها؛ منازلهم ومساكنهم والجبال التي بحضرتهم، فأتت عليها تلك الريح ولم تدمرها، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} فكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٢] لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة، وقال لملكة سبأ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٣] وقد كان ملك سليمان شيئًا ولم تؤته، وكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٠٢] لا يعني: كلامه مع الأشياء المخلوقة، وقال اللَّه لموسى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١)} [طه: ٤١] {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨] وقال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] وقال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦] ثم قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] فقد عرف من عقل عن اللَّه أنه لا يعني نفسه مع الأنفس التي تذوق الموت، وقد ذكر اللَّه عز وجل كل نفس، فكذلك إذا قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} لا يعني نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة.

ففي هذا دلالة وبيان لمن عقل عن اللَّه، فرحم اللَّه من فكر، ورجع عن القول الذي يخالف الكتاب والسنة، ولم يقل على اللَّه إلا الحق، فإن اللَّه قد أخذ ميثاقَ خلقه فقال: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: ١٦٩] وقال في آية أخرى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣] فقد حرم اللَّه أن يقال عليه الكذب.

وقد قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: ٦٠] فأعاذنا اللَّه وإياكم من فتن المضلين.

وقد ذكر اللَّه كلامه في غير موضع من القرآن فسماه كلامًا ولم يسمه

<<  <  ج: ص:  >  >>