وأما الموضع الذي يضرّ الاحتجاج به ففي الحال أو المستقبل، بأن يرتكب فعلًا محرمًا أو يترك واجبًا، فيلومه عليه لائم، فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره، فيُبطل بالاحتجاج به حقا، ويرتكب باطلًا، كما احتجَّ به المصرون على شركهم وعبادتهم غير اللَّه فقالوا: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: ١٤٨] {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠] فاحتجوا به مُصَوِّبين لما هم عليه، وأنهم لم يندموا على فعله، ولم يعزموا على تركه، ولم يقروا بفساده، فهذا ضدُّ احتجاج من تبين له خطأ نفسه، وندم وعزم كل العزم على أن لا يعود، فإذا لامه لائم بعد ذلك قال: كان ما كان بقدر اللَّه. ونكتة المسألة: أن اللوم إذا ارتفع صحَّ الاحتجاج بالقدر، وإذا كان اللوم واقعًا فالاحتجاج بالقدر باطل. "شفاء العليل" ١/ ٩٣ - ٩٥. (١) رواه الطبري في "تفسيره" ١٢/ ١٧٥، وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" ٦/ ٣٨٧، ورواه مرفوعا الطبراني ١١/ ٤٣٣ من طريق عطاء به. ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" (١٠٨)، وأبو يعلى ٤/ ٢١٧ (٢٣٢٩) من طرق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا. والحديث المرفوع صححه الألباني في "ظلال الجنة" (١٠٨)، و"الصحيحة" (١٣٣). وله فوائد ذكرها الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة".