للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقَلُ) وَهَذَا إذَا حَمَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ (فَإِنْ حَمَّلَهَا صَاحِبُهَا) بِيَدِهِ (وَحْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ عِمَادِيَّةٌ (وَإِنْ حَمَّلَا) الْحِمْلَ (مَعًا) وَوَضَعَاهُ عَلَيْهَا (وَجَبَ النِّصْفُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) بِفِعْلِهِ وَهُدِرَ فِعْلُ رَبِّهَا مُجْتَبَى.

(وَلَوْ) كَانَ الْبُرُّ مَثَلًا فِي جُوَالِقَيْنِ فَ (حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (جُوَالِقًا) أَيْ وِعَاءً كَعِدْلٍ مَثَلًا (وَحْدَهُ) وَوَضَعَاهُ عَلَيْهَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا (لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) وَيَجْعَلُ حَمْلَ الْمُسْتَأْجِرِ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ غَايَةً، وَمَفَادُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ.

قُلْتُ: وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ مَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ (وَكَذَا لَا ضَمَانَ لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلًا ثُمَّ رَبُّ الدَّابَّةِ، وَإِنْ حَمَّلَهَا رَبُّهَا أَوْ لَا ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ) انْتَهَى فَتَنَبَّهْ (وَهَذَا) أَيْ مَا مَرَّ مِنْ الْحُكْمِ (إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ) الْمُسْتَأْجَرَةُ (تُطِيقُ مِثْلَهُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ فَجَمِيعُ الْقِيمَةِ لَازِمٌ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ زَيْلَعِيٌّ

ــ

[رد المحتار]

يَجِبُ كُلُّ الْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ، فَإِذَا ارْتَدَفَ خَلْفَهُ صَارَ تَابِعًا وَلَا يُمْكِنُ وُجُوبُ الْأَجْرِ بِارْتِدَافِهِ لِمَا قُلْنَا.

أَمَّا لَوْ رَكِبَ فِي السَّرْجِ فَقَدْ أَتَى بِمَا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَإِذَا أَرْدَفَ غَيْرَهُ فَقَدْ خَالَفَ فِيمَا شَغَلَهُ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِالضَّمَانِ فِيمَا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ نَفْسِهِ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ الْغَيْرِ وَلَا أَجْرَ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ، وَإِذَا رَاجَعْتَ النِّهَايَةَ اتَّضَحَ لَكَ مَا قَرَرْنَاهُ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى كَمَا يَأْتِي مَعَ ذِكْرِ مُحْتَرَزِهِ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقَلُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ وَالْأَجْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْحَمْلِ الْمُسَمَّى فَلَمْ يَجْتَمِعَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ بَعْدُ أَيْضًا (قَوْلُهُ عِمَادِيَّةٌ) وَعِبَارَتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ: اسْتَكْرَى إبِلًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ بَعِيرٍ مِائَةَ رِطْلٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَخَمْسِينَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ ثُمَّ أَتَى الْجَمَّالُ بِإِبِلِهِ وَأَخْبَرَهُ الْمُسْتَكْرِي أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ حِمْلٍ إلَّا مِائَةَ رِطْلٍ فَحَمَلَ الْجَمَّالُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَدْ عَطِبَ بَعْضُ الْإِبِلِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي.

؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَمَلِ هُوَ الَّذِي حَمَلَ فَيُقَالُ لَهُ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَزْنِ أَوَّلًا اهـ. (قَوْلُهُ وَجَبَ النِّصْفُ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ مِنْ الزِّيَادَةِ، ثُمَّ مَا فِي الْمَتْنِ نَقَلَهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُحِيطِ وَنَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ رُبْعَ الْقِيمَةِ، وَمِثْلُهُ فِي التتارخانية عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى.

فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الرُّبْعُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُسَاوِيَةً لِلْمَشْرُوطِ، لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَجَعَلَ عِشْرِينَ وَحَمَلَا مَعًا ضَمِنَ رُبْعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مَأْذُونٌ وَالنِّصْفَ لَا فَيَتَنَصَّفُ هَذَا النِّصْفُ. (قَوْلُهُ فِي جَوْلَقَيْنِ) الْجُوَالِقُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَاللَّامِ وَبِضَمِّ الْجِيم وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا: وِعَاءٌ مَعْرُوفٌ جَمْعُهُ جَوَالِقُ كَصَحَائِفَ وَجَوَالِيقُ وُجُوَالِقَاتٌ قَامُوسٌ، فَحَقُّهُ أَنْ يُرْسَمَ بَعْدَ الْوَاوِ أَلْفٌ فِي مَثَنَّاهُ وَمُفْرَدِهِ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْتُهُ فِي النُّسَخِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُتَعَاقِبًا) لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمِنَحِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي عِبَارَةِ غَايَةِ الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ وَمَفَادُهُ إلَخْ) إنَّمَا يَكُونُ مُفَادُهُ ذَلِكَ لَوْ عَبَّرَ فِي الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ أَوْ مُتَعَاقِبًا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَوَضَعَاهُ عَلَى الدَّابَّةِ جَمِيعًا وَعَزَاهُ إلَى تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى، وَهَكَذَا عَبَّرَ فِي التتارخانية عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَهَكَذَا عَبَّرَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَزَادَ بَعْدَهُ: وَكَذَا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلًا إلَخْ فَمَا فِي الْغَايَةِ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ بَلْ زَادَ فِي الْخُلَاصَةِ مَسْأَلَةً أُخْرَى لَمْ تُفْهَمْ مِنْ كَلَامِ الْغَايَةِ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الْمَاتِنُ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مُتَعَاقِبًا مَوْجُودٌ فِي عِبَارَةِ الْغَايَةِ فَهُوَ مَفْهُومٌ، وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ مَنْطُوقٌ صَرِيحٌ فَكَيْفَ يَعْدِلُ عَنْهُ، وَقَدْ قَالُوا إنَّ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى مَا قَالَهُ اتِّبَاعًا لِلنَّقْلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَقُولُ: تَنَبَّهْ لِمَا قَدَّمْتُهُ لَكَ فَهُوَ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ أَيْ مَا مَرَّ مِنْ الْحُكْمِ) وَهُوَ ضَمَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>