ذِمَمَ الْوَرَثَةِ أَوْ يَبْقَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ (مَا يَفِي بِهِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ) لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْوِيمِ (فِي الْقِسْمَةِ) فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءٍ (بَطَلَتْ) اتِّفَاقًا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُقَيَّدٌ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي) تَبْطُلُ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهَا الْمُعَادَلَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فَوَجَبَ نَقْضُهَا خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْخُلَاصَةِ.
قُلْت: فَلَوْ قَالَ كَالْكَنْزِ تُفْسَخُ لَكَانَ أَوْلَى (وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ (إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَا) تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالْغَبْنِ لِلتَّنَاقُضِ، إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
(ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ) لِلتَّرِكَةِ (دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ صَحَّ) دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى وَالْقِسْمَةِ لِلصُّورَةِ (وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا) بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ (لَا) تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ، إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِسْمَةِ اعْتِرَافٌ بِالشَّرِكَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: اقْتَسَمُوا دَارًا أَوْ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ فِي قَسْمِ الْآخَرِ بِنَاءً أَوْ نَخْلًا زَعَمَ أَنَّهُ بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ
ــ
[رد المحتار]
ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ فَقَالَ الْوَرَثَةُ نَقْضِي حَقَّهُ وَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَالٍ آخَرَ إلَّا بِرِضَاهُمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ، لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ قَاضٍ، فَلَوْ بِهِ فَظَهَرَ وَارِثٌ وَقَدْ عَزَلَ الْقَاضِي نَصِيبَهُ لَا تُنْقَضُ، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ ذِمَمَ الْوَرَثَةِ) كَذَا فِي الدُّرَرِ. قَالَ ط: فِيهِ إنَّ الدَّيْنَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ بَعْدَ تَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ اهـ. [تَتِمَّةٌ]
أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدِّينِ لَهُ نَقْضُهَا وَكَذَا إذَا ضَمِنَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِرِضَا الْغَرِيمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حَوَالَةً فَيَنْتَقِلُ الدِّينُ عَلَيْهِ وَتَخْلُو التَّرِكَةُ عَنْهُ وَهِيَ الْحِيلَةُ لِقِسْمَةِ تَرِكَةٍ فِيهَا دَيْنٌ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ) أَيْ فِي التَّقْوِيمِ لِلْقِسْمَةِ، بِأَنْ قُوِّمَ بِأَلْفٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، قَيَّدَ بِالْفَاحِشِ لِأَنَّهُ لَوْ يَسِيرًا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْخُلَاصَةِ) مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ: وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي وَقَاضِي خَانْ، وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَصَحَّحَهُ أَصْحَابُ الشُّرُوحِ، وَبِهِ أَفْتَيْت مِرَارًا (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ. قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ تُفْسَخُ، وَفِي مَتْنِ الْغُرَرِ تَبْطُلُ فَتَبِعَهُ بِقَوْلِهِ هُنَا بَطَلَتْ فَيُفْهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ مُوَافَقَتُهُ دُونَ مَتْنِ الْغُرَرِ اهـ.
أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي الْغَبْنِ وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَأَنَّ مَعْنَى تَبْطُلُ وَبَطَلَتْ لَهُ إبْطَالُهَا، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُ الْكَنْزِ تُفْسَخُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ تَنْفَسِخُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ لَا سَاقِطَةٌ مِنْ قَلَمِ الرَّمْلِيِّ قَبْلَ قَوْلِهِ تَحْتَاجُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُتُونِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ) ذَكَرَ عِبَارَتَهَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ صَحَّ دَعْوَاهُ) فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ كَالْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى) وَهُوَ مَالِيَّةُ التَّرِكَةِ وَلِذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْضُوا الْغَرِيمَ وَيَسْتَقِلُّوا بِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ) أَيْ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَنَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ: اقْتَسَمَا التَّرِكَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ جَعَلَ هَذَا الْمُعَيَّنَ لَهُ، إنْ كَانَ قَالَ فِي صُغْرَى يُقْبَلُ، وَإِنْ مُطْلَقًا لَا اهـ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ عَفْوٌ كَمَا مَرَّ فِي مَحِلِّهِ (قَوْلُهُ إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِسْمَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ جَبْرًا عَلَى الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا رَمْلِيٌّ
(قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ) لِدُخُولِ الْبِنَاءِ وَالنَّخْلِ تَبَعًا، فَلَوْ اقْتَسَمُوا شَجَرًا أَوْ بِنَاءً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا جَازَ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مُشْتَرَكًا دُونَ الْأَرْضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute