(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَصِيبِهِ لَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ اتِّفَاقًا) عَلَى الصَّحِيحِ (وَفِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضٍ شَائِعٍ فِي الْكُلِّ تُفْسَخُ) اتِّفَاقًا (وَفِي) اسْتِحْقَاقِ (بَعْضٍ شَائِعٍ مِنْ نَصِيبِهِ لَا تُفْسَخُ) جَبْرًا خِلَافًا لِلثَّانِي (بَلْ) الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (يَرْجِعُ) بِحِصَّةِ ذَلِكَ (فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ) إنْ شَاءَ أَوْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ دَفْعًا لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ.
قُلْت: قَدْ بَقِيَ هَاهُنَا احْتِمَالٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يُسْتَحَقَّ بَعْضٌ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ شَائِعًا فُسِخَتْ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ لِذَلِكَ الزَّائِدِ كَمَا مَرَّ فَلِذَا لَمْ يُفْرِدُوهَا بِالذِّكْرِ.
(ظَهَرَ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ الْمَقْسُومَةِ تُفْسَخُ) الْقِسْمَةُ (إلَّا إذَا قَضَوْهُ) أَيْ الدَّيْنَ (أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ
ــ
[رد المحتار]
فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ هِدَايَةٌ وَكِفَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْبَعْضِ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا فِي يَدِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ تُفْسَخُ اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ لَتَضَرَّرَ الْمُسْتَحِقُّ بِتَفَرُّقِ نَصِيبِهِ فِي النَّصِيبَيْنِ، بِخِلَافِ النَّصِيبِ الْوَاحِدِ إذْ لَا ضَرَرَ أَفَادَهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لَا تُفْسَخُ جَبْرًا) أَيْ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ تُفْسَخُ لِأَجْلِ الْمُسْتَحِقِّ، لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ شَرِيكٌ ثَالِثٌ وَالْقِسْمَةُ بِلَا رِضَاهُ بَاطِلَةٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ يَرْجِعُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ كَابْنِ الْكَمَالِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مَشَاعٌ أَوَّلًا لَمْ تُفْسَخْ وَرَجَعَ بِقِسْطِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ أَوْ نَقَضَهَا وَتُفْسَخُ فِي بَعْضِ مَشَاعٍ فِي الْكُلِّ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَاعَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِابْنِ الْكَمَالِ مُلَخَّصَةً مِنْ كَلَامِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ شَائِعًا) كَالنِّصْفِ مِمَّا فِي يَدِ كُلٍّ مَشَاعًا أَوْ نِصْفِ أَحَدِهِمَا وَرُبْعِ الْآخَرِ فَهَذَا صَادِقٌ عَلَى التَّسَاوِي وَالتَّفَاوُتِ، بِخِلَافِ الشُّيُوعِ فِي الْكُلِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ عَلَى التَّسَاوِي فَقَطْ، كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا مُثَالَثَةً فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا مَشَاعًا فَلَهُ نِصْفُ مَا فِي يَدِ كُلٍّ، لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي كُلِّ الشُّيُوعِيَّيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْفَسْخُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَظَاهِرٌ) أَيْ أَنَّهُ لَا فَسْخَ وَلَا رُجُوعَ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ كُلٍّ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا كَأَرْبَعَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَسِتَّةٍ مِنْ الثَّانِي، فَلَا فَسْخَ أَيْضًا لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِذِرَاعٍ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ بِهِ (قَوْلُهُ فَلِذَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ: أَيْ لَمَّا شَابَهَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَا مَرَّ فِي الْأَحْكَامِ لَمْ يُفْرِدُوهَا بِالذِّكْرِ لِفَهْمِهَا مِنْ الْعِلَلِ السَّابِقَةِ، أَمَّا الْفَسْخُ فِي الشَّائِعِ وَعَدَمُهُ فِي الْمُعَيَّنِ فَلِلضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَعَدَمِهِ كَمَا عَلِمْته، وَأَمَّا الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسَاوِي فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ يَرْجِعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أَيْ لِيَصِلَ كُلٌّ إلَى حَقِّهِ بِلَا زِيَادَةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لَهُ نَقْضَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا دَفْعًا لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ، وَأَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ عِنْدَ التَّسَاوِي فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ فَافْهَمْ.
[تَتِمَّةٌ]
إذَا جَرَتْ الْقِسْمَةُ فِي دَارَيْنِ أَوْ أَرْضَيْنِ وَأَخَذَ كُلٌّ وَاحِدَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ مَا بَنَى فِيهَا صَاحِبُهَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، قِيلَ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ لِأَنَّ عِنْدَهُ قِسْمَةُ الْجَبْرِ لَا تَجْرِي فِي الدَّارَيْنِ فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ خَانِيَّةٌ، وَلَوْ فِي دَارٍ لَمْ يَرْجِعْ تَتَارْخَانِيَّةٌ
(قَوْلُهُ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ لَوْ ظَهَرَ مُوصًى لَهُ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ فَتُفْسَخُ إلَّا إذَا قَضَوْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الدَّائِنِ وَالْمُوصَى لَهُ مُرْسَلًا بِالْمَالِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute