للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣- وثاقة (١) دليله: وعلم التوحيد أقوى العلوم دليلاً، حيث يدل عليه صرائح العقول والنقل الصحيح المتلقى بالقبول.

٤- غايته وفائدته: وعلم التوحيد أعلا العلوم غاية، وأعظمها فائدة، وهي باختصار حصول السعادة في جميع الأحوال والأطوار.

٥- شدة الاحتياج إليه: ولعلم التوحيد في ذلك نصيب لا يدانيه فيه علم من العلوم حيث طولب به جميع المكلفين، فحاجتهم إليه ضرورية ماسة، ولا يسقط عنهم في حين من الأحايين (٢) .

وإنما اشتدت الحاجة إلى علم التوحيد، لعظم غايته، وعدم الاستغناء عن فائدته، فسعادة المرء في الدارين متوقفة عليه، فالجنة لا يدخلها إلا الموحدون الأبرار، ولن ينال المشرك رحمة العزيز الغفار، قال الله – عز وجل - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} غافر١٠ وقال – جل وعلا - إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} المائدة٧٢.

وفي الدنيا لن يستريح فكر الإنسان، ولن يهدأ باله إلا إذا أزيلت عنه العقدة الكبرى عن طريق تبصيره بمن أوجده، ولم أوجده، وإلى أي شيء سيصير وما صلته بهذا الكون الفسيح، وما الذي كان قبل هذا الكون، وماذا سيكون بعده؟.

فإذا بصر بذلك عن طريق الأدلة اليقينية المقنعة انشرح صدره واستنار فكره، واطمأن قلبه، فيحيى حياة طيبة.


(١) بفتح الواو: وَثِقَ يَثِقُ – بالكسر فيهما – وثاقة: الشيء الوثيق المحكم – كما في اللسان: (١٢/٢٥٠) "وثق".
(٢) انظر تلك الأمور مفرقة في الذريعة إلى مكارم الشريعة: (١٢١) ، وبصائر ذوي التمييز: (١/٤٤-٤٥) ، وشرح الطحاوية: (١٣) ، وروح المعاني: (١/٥) ، وتحفة المريد: (١/١٢) وانظر تفضيل بعض أنواع العلم على غيرها، وبيان علة ذلك في الإحياء: (١/٣٥-٥١) ، وجامع بيان العلم وفضله: (٢/٣٦-٤٠) .