للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قررنا في الجواب السابق أن هذا التوسل يؤول في النهاية إلى أنه توسل إلى الله بفعلنا، ويمكن أن يقال هنا في هذا الجواب، أن هذا من باب التوسل إلى الله بأفعاله أيضاً، فالله جل وعلا عندما وعد السائلين العطاء والداعين الإجابة فهذا فعل من أفعاله، ويجوز أن نتوسل إلى الله جل وعلا بأفعاله وصفاته كما يجوز بذاته، فكأننا نقول: يا رب كما أنك تعطي السائلين وتجيب الداعين نتوسل إليك بهذا الفعل الذي يجري منك والذي تكرمت به علينا وأن تقضي حوائجنا وأن تعطينا طلبنا (دخول الجنة، والإجارة من النار، ومغفرة الذنوب) .

وكل من الجوابين أفادهما الإمام ابن تيمية في كتابه الجليل (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) من صـ٥٢ إلى صـ٦٥، وأعاده في صـ١٤٥ إلى صـ١٤٧.

الجواب الرابع: في جواب أنه لا يجوز أن نقول بحق فلان ...

أنه لو كان التوسل بالجاه مشروعاً لاستوى الأمر في ذلك كون المتوسَّل به حياً أو ميتاً وإذا كان الأمر كذلك فجاه نبينا عليه الصلاة والسلام أعلى جاه وأرفعه وأتمه، فلو كان التوسل بجاهه جائزاً لما عَدَل عمر عن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس، لان جاه نبينا عليه الصلاة والسلام جاه رفيع عالٍ لا يختلف سواء كلن حياً أو ميتاً.

ولم ينقل عن صحابي أنه توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، بل غاية ما قاله عمر كما تقدم في صحيح البخاري [إنا كنا نتوسل إليك بنبينا عليه الصلاة والسلام فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا عليه الصلاة والسلام فاسقنا] .

فإذن عدول الصحابة عن التوسل بجاه نبينا عليه الصلاة والسلام بعد موته دل على أنه لا يجوز التوسل بجاهه في حياته لأن الجاه لا يختلف حياً أو ميتاً، نعم كانوا يتوسلون به لكن بدعائه واستشفاعه لا بجاهه، ولو كانوا يتوسلون بجاهه في حياته لتوسلوا بجاهه بعد مماته.

الجواب الخامس: وهو آخر الأجوبة: