.. والإيمان بالقدر من أركان الإيمان كما ثبت في الصحيحين وغيرها من حديث أبي هريرة، وفي مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث جبريل الطويل وفي آخره [قال جبريل: ما الإيمان؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره] وفي رواية: [حلوه ومره من الله تعالى] وهذا الحديث– حديث جبريل – هو أم السنة كما أن الفاتحة أم الكتاب، والإمام البغوي عليه رحمة الله جعله أول حديث في كتابه (مصابيح السنة) مشيراً إلى أن هذا الحديث ينبغي أن يُقدم على الأحاديث كما قدمت الفاتحة على سور القرآن.
وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تَعْجِزْ فإن أصابك شيء فقل قدّر الله وما شاء فعل ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا فإن لو تفتح عمل الشيطان] أي ما فيها إلا حسرة وندامة.
... والمراد بالقوة هنا قوة القلب أي المؤمن القوي الذي قلبه فيه قوة وعنده عزيمة قوية لأن قوة البدن تتبع قوة القلب، والذي يثبت في المعركة هو قوي القلب ولا عبرة بقوة البدل دون قوة القلب، فإن صاحب القلب القوي يثبت في المعركة ولو قطعت أطرافه الأربع ولا يتحرك ولا يولي الأدبار، وصاحب القلب الضعيف يجبن ويفر.