للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. فالمؤمن القوي الذي إيمانه تام وعزيمته تامة أحب إلى الله من المؤمن ناقص الإيمان ضعيف الإيمان ففي قلبه رخاوة وليس فيه ثبات، لكن في كل خير فهذا مع ضعف إيمانه إلا أن فيه خيراً ولم يخرج عن حظيرة الإيمان وليس هو كأهل النفاق والكفران فهؤلاء كما قال تعالى (قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلاً أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوقم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً، يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلاً) فهم من رعبهم وضعف عزيمتهم وخورهم وجبنهم يحسبون الأحزاب لم يذهبوا مع أنهم ذهبوا وهؤلاء في المدينة وإن يأت الأحزاب يودون لو أنهم بادون في الأعراب أي لو أنهم في بادية وليسوا في المدينة لئلا يلاقوا الخوف مرة أخرى كما حصلوه في المرة الأولى، ولذلك المؤمن قوته في قلبه وضعفه في بدنه أي تظهر عليه علامة الهزال وعلامة الخشوع وعلامة الإخبات من أجل صيامه وقيامه يذبل جسمه ويصغر فترى عليه علامة الإعياء والتعب، لكن عندما يفعل نتعجب من صدور هذه الأفعال وهذه القوة من هذا الضعف، والمنافق على العكس فهو قوي في بدنه لكن ضعيف في قلبه (١) .


(١) والله إخوتي الكرام كما قال الله عن اليهود (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرىً محصنة أو من وراء جدر) فهؤلاء لو وجدوا من يقاتلهم ومعه الله لحصل النصر الذي لا يخطر ببال من الله، هذا كلام الله (لا يقاتلونكم جميعاُ إلا في قرىً محصنة) هذا من رعبهم لا يستطيع واحد منهم أن يقاتل وجهاً لوجه، لو وقف مائة ألف يهودي لا أقول ألف يهودي لو واجهوا مسلماً واحداً بسكين لماتوا رعباً فضلاً عن إطلاق رصاص، هذا كلام الله الذي يعلم طبائع عباده لكن لما استوينا نحن وهم في المعصية صاروا أسوداً علينا في هذه الأيام لأننا نحن صرنا مثلهم إن لم نكن أعتى منهم فصار لهم الفضل علينا بالقوة الظاهرة ونحن لا توجد عندنا قوة باطنية وهم لا توجد عندهم أيضاً قوة باطنية فإذن استوى الحالان في الباطن ضال يقاتل ضالاً والذي هو أقوى في الظاهر سينتصر فهم الذين سينتصرون لعدم وجود صاحب قوة قلبية يردعهم.

إذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا

فهؤلاء يطلبون الطعن والنزال ويتحدون العالم بأسره لأن الساحة أمامهم مكشوفة ولا يوجد من يوقفهم عند حدهم، فهذا حال اليهود وحال الأمة الكافرة الأخرى التي جعلناها قدوتنا وكل ما جاءنا من عندهم حسن حتى قال أغا أوغلي أحمد من تركيا من زعماء الكماليين أتباع مصطفي كمال أتاتورك: "عزمنا على أن نأخذ كل مما عند الغرب حتى الالتهابات التي في رئيهم (جمع رئة) والنجاسات التي في أمعائهم".