للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصحبة نبيه فاعرفوا لهم قدرهم] ، فأمر الرسالة أسند إلى من هو بكل شيء عليم فعندما اختار محمداً عليه الصلاة والسلام لحمل رسالته ليس الأمر اعتباطاً بل لأن (الله أعلم حيث يجعل رسالته) فإذن هو عندما وضعها في ذلك المكان فهذا هو الجدير بها لكن يبقى الأمر من فضل الله عليه ولا شك في ذلك، (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) (فألهمها فجورها وتقواها) (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) أي خلقكم كافراً ومؤمناً على أصح القولين في التفسير، وقيل: هو الذي خلقكم فانقسمتم إلى كافر ومؤمن، لكن هذا الانقسام لا يكون إلا على حسب التقدير الذي سبق عند الرحمن ويبقى الأمر كما قلت لا قسر فيه ولا إجبار، فهذا وفقه الله وذاك خذله لكن هل هذا فيه إكراه؟ لا، وكل واحد يميز هذا من نفسه عندما يريد أن يعصي ربه، فمثلاً عندما يريد أن يشرب الخمر سل عصاة أهل الأرض أجمعين هل جاء أحد وأخذك من بيتك إلى الفندق في الساعة الواحدة ليلاً وأضجعوك وفتحوا فمك وصبوا فيه الخمر دون رضاك؟ أم أن الواقع هو أنه ذهب باختياره ودفع الفلوس وسكر، وسل الزاني هل جاء أحد وأخذك من فراشك ودارَ بك على بيوت الناس حتى ألقاك على أنثى وأكرهك على عملية الزنا؟ أم أن الواقع أنك تراه يجوب الشوارع هنا وهناك من أجل أن يحصل على خبيثة مثله، فهل هذا إذن كان باختياره أو باضطراره؟ باختياره، يعني عندما قال الله جل وعلا (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) انظر لهذا الحافظ الذي جعله الله عندنا، فلما كانت العين تتعرض لرؤية ما لا يحل، جعل الله جل وعلا منع النظر في منتهى السهولة لئلا يقول إنسان كيف سأتصرف إذا عرض لي ما لا يحل لي النظر إليه، فقال الله لك لا يحتاج هذا منك إلى تصرف كبير لا دخول سرداب ولا دخول حجرة، الحل كله يتمثل في إطباق الجفن على الجفن (قل للمؤمنين يغضوا) ما معنى الغض؟ أن تطبق الجفن على الجفن.