٥) الحجة الخامسة: قالوا: الحكمة من الإشهاد إقامة الحجة على العباد والحجة لا تقام عليهم إلا بالفطرة وبإرسال الرسل وأما ما وقع في عالم الذر فهذا لا تقوم الحجة به على أحد.
والجواب عن هذا: إذا أخبرنا الرسل الكرام عليه الصلاة والسلام بتلك الشهادة فقط فقد أقيمت الحجة علينا بذلك.
٦) الحجة السادسة: المقصود من أخذ الميثاق عليهم (ميثاق الفطرة) تذكيرهم بهذا الميثاق لئلا يقولوا (إنا كنا عن هذا غافلين) وهم لا يذكرون إلا ميثاق الفطرة فلم يغفلوا عنه طرفة عين وأما الميثاق في عالم الذر هم في غفلة عنه ولا يعلمونه.
والجواب عن هذا: بعد أن يعلموه صار له من المكانة كميثاق الفطرة بل ما هو أشد من ذلك.
قال الإمام القرطبي: ومثال هذا مثال من طلق زوجته ثم نسي وغفل عن طلاقه فإذا قامت عليه البينة لشهادة شاهدين على أنه طلق، فإنه يثبت عليه الطلاق مع أنه في غفلة عنه.
... وهنا شهدنا ثم غفلنا عن تلك الشهادة ونسيناها فذكرنا بها الرسل فصار لها من الثبوت والمنزلة كثبوت دليل الفطرة ومنزلته بل ما هو أشد من ذلك.
٧) الحجة السابعة: قالوا: إن الله جل وعلا ذكر حكمتين اثنتين لذلك الميثاق أولها: لئلا يقول الناس إنا كنا في غفلة عن هذا، والثانية لئلا يقولوا إننا قلدنا آباءنا وما عندنا ما يردعنا ويبين الحق لنا، وهاتان الحكمتان لا تحصلان إلا بعد دليلين معتبرين وحجتين عظيمتين: إرسال الرسل والفطرة، فالفطرة لا يجوز للإنسان أن يجحد خالقه، وبإرسال الرسل لا يجوز للإنسان أن يجحد خالقه وبهما أيضاً لا يجوز أن يقلد آباءه على الضلال والشرك.