للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب عن هذا: هذا الاعتراض الذي ذكرتموه منقوض في حق دليل الفطرة فهل يعاقب الله عباده إذا كانوا في غفلة عن عبادته، ولم يوحدوه وقلدوا آباءهم في شركهم وضلالهم إذا لم يرسل لهم رسولاً؟ لا، إذن فالفطرة وحدها ليست كافية وهكذا نقول أيضاً إن ميثاق عالم الذر ليس بكافٍ وحده لإقامة الحجة بل لابد من إرسال رسول وقلت لكم هذا هو مناط التكليف، فإذن فميثاق الفطرة وحده لا تثبت به حجة وكذلك ميثاق عالم الذر لا تثبت به وحده حجه وعليه فهما متساويان فكيف تحملون الحكمة من الإشهاد على دليل الفطرة دون دليل وميثاق عالم الذر.

٨) الحجة الثامنة: قالوا: إن الله جل وعلا لا يعذب عباده إلا بعد الإعذار ولا يحصل قطع عذر العباد إلا بدليل الفطرة وإرسال الرسل ولذلك يقول الله جل وعلا مشيراً إلى نفي عذر الناس وأنه أخذ عليهم الميثاق لئلا يتعللوا ويتعذروا (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) أي كيف تهلكنا ونحن لم تقم علينا الحجة.

والجواب عن هذا: كالجواب عن الذي قبله تماماً فالحجة لا تثبت على الناس بميثاق الفطرة فقط ولا تثبت عليهم بميثاق عالم الذر، فالإعذار لا يقطع إلا بإرسال الرسل فعلام أنتم حملتم هذا الميثاق في الآية على ميثاق الفطرة فقط وهذا لا يقطع عذر العباد، (قلت: ز- والحجة السابعة والثامنة والله أعلم – كأنها ناشئة من توهم أننا نرى أن ميثاق عالم الذر تحصل به الحكمتان ويحصل به الإعذار ونحن لا نقول بهذا على الإطلاق، فإن الظاهر من ميثاق احتجاجهم علينا أنهم يقصرون الحكمتين والإعذار على ميثاق الفطرة وإرسال الرسل فقط ويقولون لنا ميثاق عالم الذر لا يحصل به شيء من هذه الأمور الثلاثة (الحكمتين والإعذار) !! فكان الجواب كما ذكر شيخنا حفظه الله أن هذه الأمور الثلاثة إنما تثبت في حق ميثاق واحد هو ميثاق إرسال الرسل، ولا تثبت في حق ميثاق الفطرة كما زعمتم، ولا تثبت في حق ميثاق عالم الذر كما نقول نحن والله أعلم) .