للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحكمة الله تقتضى بأن يقرن ويجمع بين المتماثلين فالخبيث مع الخبيث والطيب مع الطيب {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} أى أشباههم وأمثالهم ممن كان ظالم فهؤلاء يجمعون ويقيدون ويصفدون ويلقون فى النار.

{احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون *من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم} ولذلك كان أئمتنا يستدلون بعموم هذه الآية إلى شىء آخر فكان كثير منهم يحذر أخذ وظيفة أو منصب يبعده عن صفة العلماء كما هو الحال فى ابن جرير فى شيخ أئمة التفسير بلا نزاع المتوفى سنة ثلاثمائة وعشرة عليه رحمة الله الإمام ابن جرير عرض عليه القضاء فأبى فلامه أصحابه وتلاميذه وقالوا تحيى به السنن وتميت به البدع فبكى عليه رحمة الله وقال كنت أخشى إذا قبلت القضاء أن تلومونى فإذا رفضت القضاء صرتم تلومونى قالوا وعلام يا إمام قال أما بلغكم أن القضاة يحشرون مع الأمراء وأن العلماء يحشرون مع الأنبياء أتريدون أن أحشر مع الأمراء عليه رحمة الله {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} .

فبما أن ذاك من فصيلة الحكم يحشر مع الحكام بعد ذلك يفكه عدله أو يوبقه جوره وأما العلماء فهؤلاء مع الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط} فتريدون منى أن أحشر مع الأمراء ولا أحشر مع الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه.

كانوا يستدلون بعموم هذه الآية على ما هو أوسع من هذا كل صنف يحشر مع صنفه وكل شكل يجمع إلى شكله ففصيلة القضاة الحكام فى مكان فصيلة الأنبياء وأتباعهم العلماء فى مكان فكانوا يستدلون بعموم هذه الآية على هذا الأمر وهذه حكمة الله تقتضى بأن يجمع بين المتماثلين وأن يفرق بين المختلفين المتباينين فإذن أقوال التابعين فى الحالة الثالثة مما ليس له حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام يستأنس بها ولا تكون حجة على غيرهم.