وقد قام رسولنا - صلى الله عليه وسلم - بمهمة البيان والبلاغ أحسن قيام، فدعا إلى الله على بصيرة، وبيّن للناس ما نزل إليهم من ربهم، ففتح الله القدير بنبينا البشير النذير - صلى الله عليه وسلم - أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وهدى به من الضلالة، وأنقذ به من الجهالة، وشرح به الصدور، وأنار به العقول، ولم يقبضه إلى جواره الكريم حتى أعز به الدين، وترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك (١) .
(١) المحجة "بفتحتين" جادة الطريق. انظر ما يتعلق بذلك في صفحة: (٢) من هذا المبحث المبارك. هذا وقد ورد في الكتب السابقة صفة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فمن ذلك ما رواه عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم أجمعين - فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة؟ فقال: أجل: والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} الأحزاب٤٥، وحرزاً للأميين، وأنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لست بفظ، ولا غليظ، ولا صخّابٍ في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن بعفو، ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح به أعيناً عمياً وآذاناً سماً، وقلوباً غلفاً. أخرجه الأئمة: أحمد في المسند: ٢/١٧٤ بإسناد صحيح كما قال الشيخ أحمد شاكر: (١٠/١٥١) رقم و (٦٦٢٢) . والبخاري في البيوع - باب كراهية السخب في الأسواق-: (٤/٣٤٢) ، وفي التفسير - سورة "الفتح" باب - "٣": (٨/٥٨٥) بشرح ابن حجر فيهما، ورواه البخاري في الأدب المفرد - باب الانبساط إلى الناس: (٣٨-٣٩) وابن سعد في الطبقات: (١/٣٦٢) ..وانظر صفة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في الكتب السابقة، في سنن الدارمي - المقدمة باب "٢" (١/٤-٨) وأول كتاب فضائل القرآن: (٢/٤٣٤) وشرح الزرقاني للمواهب اللدنية: (٦/١٨٨-٢٠٤) .