للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن رحمة الرب الكريم، أن هيأ رجالاً صالحين، في كل زمانٍ وحين، وبثهم في جميع أقطار الأرضين، ليخلفوا النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة إلى رب العالمين، فهم الذين يصعدون بكلمة الحق ويعلونها، ويتصدون للمحدثات فينكرونها وللشبهات فيزيلونها، ويستأصلونها، وهم الأكياس العُدُول، وليس للمهتدي (للمهتدي) المسترشد عن قولهم عدول، وفي الأثر: "يرث هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين (١)


(١) الأثر رواه البيهقي في السنن الكبرى - كتاب الشهادات - باب الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث، فيقول: كفوا عن حديثه، لأنه يغلط أو يحدث بما لم يسمع، أو أنه لا يبصر الُفتْيا: (١٠/٢٠٩) عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنه أيضاً عن الثقة من شيوخه - على حد تعبير العذري - مرفوعاً. ورواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث: (٢٨-٢٩) - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمل هذا العلم من كل خلق عدوله - عن أبي هريرة، وأسامة بن زيد، وعن إبراهيم العذري أيضاً مرفوعاً في الجميع، ورواه في أول الكتاب "شرف أصحاب الحديث" أيضاً: (١١) عن معاذ، وابن مسعود مرفوعاً.

هذا وقد روي الحديث مرفوعاً من رواية: أنس، وابن عمر، وأبي أمامة، وابن عمرو، وجابر وابن عباس، وعلي، وأبي بكر - رضي الله عنهم أجمعين - انظر تفصيل ذلك مع الكلام على درجة الحديث في جمع الجوامع: (١/٩٩٥) ، وتهذيب الأسماء واللغات القسم الأول: (١٧) ، ومقدمة ابن الصلاح، ومحاسن الاصطلاح: (٢١٩-٢٢٠) الثاني مطبوع في حاشية الأول، والتقييد والإيضاح (١٣٨-١٣٩) ، وفتح المغيث: (١/٢٧٥-٢٧٩) وتدريب الراوي: (١٩٩-٢٠١) وتوضيح الأفكار: (٢/١٢٧-١٣٣) ، وكنز العمال: (٥/٢١٠) ، وتذكرة السامع والمتكلم: (٩) ، وقواعد التحديث: (٤٨-٤٩) ، والجرح والتعديل: (١/١٧) - باب في عدول حاملي العلم، وأنهم ينفون عنه التحريف والانتحال.
وحاصل: أقوال الأئمة في درجته: أنه حديث صحيح عند الإمام أحمد، وحسن عند الإمام العلائي وضعيف عند الإمامين البُلقيني، والعراقي. ولعل قول الإمام العلائي يجمع بين القولين المتباعدين فهو ضعيف، ولتعدد طرقه ارتفع إلى درجة الحسن. والحديث الحسن من أقسام الحديث المقبول ولذلك قال القاسمي في قواعد التحديث: وتعدد طرقه يقضي بحسنه كما جزم به العلائي والله تعالى أعلم.