للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيوان: أي حياة كاملةٌ تامة، من حيَّ، والأصل أن يقول: حَيَيَان قال أئمتنا قلبت الياء الثانية واواً، فصارت حيوان، حياة كاملة، وإنما أتى بصيغة فَعَلان؛ ليدل على الحياة والإطراب والبهجة والكمال والتمام، لأن ذلك يقابل السكون الذي يكون عن طريق الموت (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) ؛ أي الحياة الكاملة التي فيها بهجةٌ وحيويةٌ ونشاطٌ على وجه التمام والكمال {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (١) ، {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِي الْحَيَوَانُ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} إذاً هذه الحياة الدنيا لهو ولعب، {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدَّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنَّ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكَمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} (٢) كما قال الله في سورة محمد، على نبينا صلوات الله وسلامه، وهكذا قَصَّ الله علينا حال الدنيا في كثيرٍ من الآيات في كتابه فقال جل وعلا في سورة الحديد: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدَّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأمْوَالِ وَالْأوْلَادِ كَمَثِلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُه ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرَّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَامَاً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدَّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (٣) يتمتع بها على وجهٍ ما، ثم تنقضي وتزول، لكنَّ هذا المتاع الزائل يَغْتَرُّ به كثيرٌ من ضعاف العقول، لا يغتر بذلك الرجال الذين يذكرون الله في بيوته في هذه الحياة، {رِجَالٌ} ، {وَمَا الْحَيَاةُ الدَّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} لا يغتر بها إلا من اغتر عقله، ولم يكن رجلاً {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكَمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ


(١)) ) سورة ق: ٢٢
(٢)) ) سورة محمد: ٣٦
(٣)) ) سورة الحديد: ٢٠