للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله: إن الرزق مقسوم كما يقال، وإن العمر محتوم، وإذا كان الأمر كذلك، فنحن نتعرض لنفحات الحي القيوم، نكدح في الأسواق، ونعمل في المزارع، ونزاول التجارات، ونبيع ونشتري، لكن كما قال الله: {لا تُلهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ} (١) ، إننا عندما نتعرض لتحصيل فضل الله ورزق الله، نعلم أنه لن يأتينا إلا ما قسم لنا، ولن يأتينا إلا ما تَفضَّل به ربنا علينا، فهذا المقسوم محض فضلٍ من الحي القيوم، وهذا يكسب أبداننا راحةً، فلا نلهث وراء المال، كما تلهث السباع الضارية في البرِّيَّة، ويكسب قلوبنا قناعةً، فنعلم أن ما قدر لنا سيأتينا، إنما حالنا كما قال الله: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (٢) ، ذَلْلَّهَا ويسرها من أجل أن نمشي عليها، فلا نقاسي فيها عنتاً ولا شدةً، من أجل أن نحصل الرزق والخير والبركة {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} هذا من رزق الله، ومن فضل الله، والرزق الذي يحصله الإنسان في هذه الحياة محض فضلٍ وكرمٍ من رب الأرض والسماوات، كما قال جل وعلا في سورة الجمعة: {يَا أيَّهَا الذِّينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنَّ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} (٣) فالرزق الذي نحصله محض فضلٍ وكرم من الله جل وعلا، {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرَاً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤) وهكذا أخبر الله عن الرزق في كثير من الآيات بأنه محض فضلٍ وكرم، يعطيه الله من يشاء من عباده، فقال جل وعلا: {


(١)) ) سورة النور: ٣٧
(٢)) ) سورة الملك: ١٥
(٣)) ) سورة الجمعة: ٩
(٤)) ) سورة الجمعة: ١٠