للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقع بين الشيخين أيضاً تنازع في مسألة تخليد أهل البدع المحكوم بكفرهم في النار (١) وكان الشيخ الموفق أبن قدامة لا يطلق عليهم الخلود (٢) فأنكر ذلك عليه الشيخ الفخر ابن تيمية وقال: إن كلام الأصحاب مخالف لذلك، وأرسل يقول للشيخ موفق الدين ـ ولخص الإمام ابن رجب هذه الرسالة في قرابة ثلاث صفحات أقرأ المهم منها (٣) كتاباً أوله:

إخوه في الله عبد الله بن أحمد يسلم علي أخيه الإمام الكبير فخر الدين جمال الإسلام ناصر السنة أكرمة الله بما أكرم به أولياءه، وأجزل من كل خير عطاءه، وبلغه أجله ورجاءه، وأطال في طاعة الله بقاءه.

سبحان الله! بينكما خلاف وهذه الألفاظ تثني بها علي من خالفك؟ هذه حال السلف ولا داعي بعد ذلك للتنابز بالألقاب والهجاء المرير، لنتعلم الأدب من مراسلات علمائنا المتقدمين: أخوة في الله. فإذا اختلفنا سيبقي قول الله يشد أزرنا ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) (٤) إلي أن قال:

إنني لم أَنْهَ عن القول بالتخليد نافياً له، ولا عدت القول به منصراً لضده، إنما نهيت الكلام فيها من الجانبين إثباتاً أو نفياً كفاً للفتنة بالخصام فيها، وإتباعاً للسنة في السكوت عنها، إذا كانت هذه المسألة من جملة المحدثات فأشرت علي من قبل نصيحتي بالسكوت عما سكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والأئمة المقتدي بهم من بعدهم..


(١) - أي تنازعوا: هل نخلدهم في النار أولا؟ هذا فيمن حُكرم بكفره من اجل بدعته.
(٢) - أي يتوقف. يقول بدعة مكفرة، نكفرهم. لكن الخلود نتجنبة، الحكم عليهم بأنهم مخلدون: نبتعد عنه.
(٣) - أنظر كيف تستدرك هذه الهفوة
(٤) - الحجرات: ١٠