وأما قولك بسعادتك (١) فإن قنع مني بالسكوت فهو مذهبي وسبيلي، وعليه تعويلي وقد ذكرت عليه دليلي، وإن لم يرض مني إلا أن أول مالا أعلم، وأسلك السبيل الذي غيرة أسدّ وأسلم، وأخلع عذاري في سلوك ما فيه عتاري وبسخط عليّ الباري، ففي هذا التلاقي تلاقي، وتكرير صافي أو صافي، لا يرضاه لي الأخ المصافي، ولا من يريد إنصافي، ولا من سعي في إسعافي، والتابعة ولو أنه بشر الحافي.... إلي أن قال ـابن قدامه ـ:
واعلم أيها الأخ الناصح أنك قادم علي ربك ومسؤول عن مقالتك هذه، فانظر من السائل، وانظر ما أنت له قائل، فأعد للمسألة جواباً، ولا تظن أنه يقنع منك في الجواب بتقليد بعض الأصحاب.. إلي إن قال:
وانتم إن كنتم أظهركم الله علي غيبه، وبرأكم من الجهل وعيبه، وأطلعكم علي ما هو صانع بخلقه فنحن قوم ضعفاء قد قنعنا بقول نبينا - صلى الله عليه وسلم - وسلوك سبيله، ولم نتجاسر علي أن تتقدم بين يدي الله ورسوله، فلا تحملوا قوتكم علي ضعفنا، ولا علمكم علي جهلنا، وهذه رسالة (بياَض) هذا القدر.
هذا الأمر ينبغي أن نعيه ـ أخوتي الكرام ـ في هذه الأيام، لا يلزم من الحكم علي القول بأنه بدعة أو انه ضلال، أو أنه كفر، أن يكون من قال به ضالاً، مبتدعاً، كافراً، أحذروا أمرين: لا تطلقوا لفظ الكفر علي أخذ من أهل القبلة، علي أحد من أمة نبينا محمد علية الصلاة والسلام، ما لم يستحل ما حرم الله، ويتهزيء بشريعة الله، واياكم اياكم أن تطلقوا لفظ الخلود بالنار، الحكم بالخلود بالنار علي مبتدع إذا صدر من مهتدي، ولا يعني هذا أننا نأخذ بالخطأ إذا صدر من أمام صالح، لا ثم لا، الخطأ والبدعة ترد علي كل أحد والحجة في النصوص الشرعية لكن هذا الأمر ينبغي أن يرسخ في أذهاننا.
(١) - أنظر كيف تتلافى هذه الهفوة. وتزيل تكدير الصفوة.