انظروا كتبهم إخوتي الكرام كما هو في (رد المحتار على الدر المختار) في الجزء الثاني صفحة اثنتين وأربعين ومائتين ٢/٢٤٢ يقرر علماء الحنفية أنه إذا جاء الإنسان إلى المقابر يسلم عليهم أولاً (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) وسيأتينا صيغة السلام وصيغها ضمن مبحثنا إن شاء الله، قال الحنفية (ثم يقرأ ما تيسر من القرآن ثم يدعو، وإنما يقرأ القرآن قبل الدعاء من أجل أن تنزل البركة والرحمة في ذلك المكان قبل دعائه، ومن أجل أن يكون ذلك أرجى لقبول دعائه فيقرأ القرآن لحصول الرحمة والبركة في ذلك المكان ثم يدعو فيكون الدعاء أرجى للإجابة والقبول) ، هذا كلام الأئمة الحنفية في كتبهم.
وأما السادة المالكية -رضوان الله عليهم أجمعين- فالمنقول عن الإمام مالك -رحمة الله عليه- وعلى جميع أئمتنا كما في كتبهم انظروا حاشية الدسوقي إخوتي الكرام أيضاً في الجزء الأول صفحة تسع وثمانين وثلاثمائة صـ١/٣٨٩ ينقلون عن الإمام مالك (أن قراءة القرآن تكره عند القبور. وسبب كراهية الإمام مالك -عليه رحمة الله ورضوانه- هذه القراءة يقول: المقصود من زيارة القبور أن تعلم ما صار للميت وما انتهى إليه حاله وأنت عما قريب ستصير إلى مثل حاله فينبغي أن تعتبر وإذا قرأت القرآن أنت مأمور بالتفكر والتدبر والاعتبار عند قراءة القرآن فكيف ستجمع بين الأمرين؟ كيف ستجمع بين الاعتبار بحال هؤلاء الموتى وبين التدبر والاعتبار عند قراءة القرآن؟ ولذلك لا تقرأ القرآن عند القبور من أجل أن تتفكر في ما صار إليه من قبلك وعما قريب أنت ستصير إلى ما صاروا إليه) .
أخي الكريم: أما تأملت أحوال الموتى جثث هامدة عندما يدخل الإنسان القبور أما تأملت أحوالهم وعما قريب ستصير إليهم كم من حبيب تزوره وهو قريب منك ولا تستطيع أن تراه ولا أن تكلمه.
مقيم إلى أن يبعث الله خلقه ... لقاءك لا يرجى وأنت قريب