للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{بديع السماوات والأرض} هو المنفرد في هذا الكون في سماواته وأرضه بأنه لا مثيل له ولا شبيه، {قل هو الله أحد * الله الصمد} {هل تعلم له سميَّا} (١) هو المنفرد الذي لا مثال له {ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير} (٢) وهو الذي خلق السماوات والأرض على غير مثال سبق، وعلى غير صورة تقدمت، فهو المنفرد في هذا الكون فلا نظير له، وهو الخالق لهذا الكون من غير مثال سبق، وهو الذي يخلق الشيء من غير مادة، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، إذاً فيه هذا المعنى، ألا وهو الشيء الذي لا مثيل له ولا نظير، فالله لا مثيل له لملاحظة هذا المعنى في لفظ البدعة استعملت مادة هذه الكلمة (بَدَعَ) في النبي عليه السلام قال تعالى {قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ وما أنا إلا نذير مبين} (٣) .

وقوله {قل ما كنت بدعاً من الرسل} يحتمل أمرين اثنين كل منهما مراد، قل ما كنت بدعاً بمعنى اسم المفعول: أي مُبتَدَعاً مخترعاً لا مثيل لي في هذه الحياة، فالله قد أرسل قبلي رسلاً كثيرين، وما أنا إلا حلقة في سلسلة طويلة عدد أفرادها مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، جمَّاً غفيراً كلهم أنبياء الله ورسله، ويدعونه إلى توحيده جل وعلا، فلست بشيءٍ مخترع، لست بشيءٍ حادث، لا مثيل لي، إنما أنا على شاكلة من سبقني، فنبينا - صلى الله عليه وسلم - ما هو بأول رسول إلى أهل الأرض، وقد أرسل الله قبله رسلاً كثيرين متعددين.

وقد اخبرنا - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الحقيقة في الحديث الثابت في المسند والصحيحين من رواية أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين، والحديث رواه الإمام أحمد ومسلم في صحيحه من رواية أبي سعيد الخدري، وراه والإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه من رواية أبي بن كعب رضي الله عنهم عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه أنه قال:


(١) - مريم (٦٥) .
(٢) - الشورى (١١)
(٣) - الأحقاف (٩)