روي في سنن أبي داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه، والأثر في إسناده سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وقد انفرد الإمام الترمذي بإخراج حديثه، وهو مقبول كما قال عنه الحافظ في التقريب مقبول، وقد وثقه ابن حبان، ولفظ الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:[لا تشدِّدوا فيشدَّدَ عليكم، فإن من قبلكم شددوا فشدّد عليهم فانظروا على أنفسهم شُدِّد عليهم ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، بعد أن شَدَّدوا على أنفسهم عليهم وكتب ذلك عليهم] .
الشاهد في الآية الكريمة إخوتي الكرام {ورهبانية ابتدعوها} : أي اخترعوها هذا هو معنى البدعة في لغة العرب ما أحدث على غير مثال سبق، سواء كان محموداً أو مذموماً في أمر الدين وفي أمر الدنيا، وأما البدعة في الاصطلاح الشرعي وهي محل بحثنا، فهي:(ما أحد في دين رب العالمين، مما يدل عليه دليل مستقيم) عبارات أئمتنا الكرام المهتدين تدور حول هذا المعنى، أحدث في دين الله تعالى لأجل أن يتقرب به الناس إلى الله، ولا يوجد دليل يدل على هذا.
والإمام الغزالي رحمة الله عليه، في كتابه الإحياء عرف البدعة في عدة أماكن من كتابه بعدة تعريفات تعود إلى هذا، فقال:
البدعة: ما تضاد سنة ثابتة وتراغمها: أي تقابلها وتعارضها وترفعها وتزيلها، هذا هو حد البدعة وهذا هو رسمها، ويمكن أن يقال في تعريف البدعة أيضاً بتعريف جامع فنقول:
البدعة: هي الحدث في دين الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان، ولا يدل على ذلك دليل من أدلة الشرع الحسان، ويزعم الإنسان بذلك الحدث التقرب به إلى الرحمن.
وهذه البدعة المخترعة في الدين التي لا يشهد عليها دليل قويم، لا تكون إلا مذمومة باطلة ن والعامل بها مذموم ضالّ مبتدع، وعليها يتنزَّل ما في المسند والسنن الأربعة، إلا سنن النسائي، والحديث في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم، وسيأتينا الحديث بطوله عند التنفير من البدع والتحذير منها.