قوله تعالى:{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّق} معنى الانفجار. ويشقّق أصله يتشقّق، أدغمت التاء في الشين، وهذه عبارة عن العيون التي لم تَعْظُم حتى تكون أنهاراً، أو عن الحجارة التي تتشقّق وإن لم يجر ماء منفسح. وقرأ ابن مُصَرِّف «ينشقق» بالنون، وقرأ «لمّا يتفجر»«لمّا يتشقّق» بتشديد «لما» في الموضعين. وهي قراءة غير متّجهة. وقرأ مالك بن دينار «ينفجِر» بالنون وكسر الجيم. قال قتادة: عذر الحجارة ولم يعذِر شقيّ بني آدم.
قال أبو حاتم: يجوز لما تتفجر بالتاء، ولا يجوز لما تتشقق بالتاء؛ لأنه إذا قال تتفجر أنّثه بتأنيث الأنهار؛ وهذا لا يكون في تشقق. قال النحاس: يجوز ما أنكره على المعنى؛ لأن المعنى وإن منها لحجارةً تتشقق؛ وأما يشقق فمحمول على لفظ ما. والشَّق واحد الشُّقوق؛ فهو في الأصل مصدر، تقول: بيد فلان ورجليه شقوق، ولا تقل: شقاق؛ إنما الشُّقاق داء يكون بالدواب، وهو تشقّق يصيب أرساغها وربما ارتفع إلى وظيفها؛ عن يعقوب. والشَّق: الصبح.
و «ما» في قوله: {لَمَا يَتَفَجَّرُ} في موضع نصب؛ لأنها اسم إنّ واللام للتأكيد. «منه» على لفظ ما، ويجوز منها على المعنى؛ {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَآءُ} . وقرأ قتادة «وإنْ» في الموضعين، مخففة من الثقيلة. قوله تعالى:{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} يقول: إنّ من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم؛ لخروج الماء منها وتردّيها. قال مجاهد: ما تردّى حجر من رأس جبل، ولا تفجّر نهر من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله؛ نزل بذلك القرآن الكريم. ومثله عن ابن جُرَيج.