نعم إذا كان يأتيك القوت والصحة والأمن ثم أصبحت أخا حُزت فلا فارقك الحزن أنت في نعمة في بدنك تأمن بعد ذلك في طريقك وفي نفسك وأنت بعد ذلك في كفاية وعندك ما يكفيك فلا تحتاج إلى أحدٍ من خلق الله إذاً ينبغي أن تشكر الله على هذه النعمة [من أصبح منكم آمنا في سِرِبه في سَرَبه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها] وهذه الحالة هي التي كان يتطلع إليها نبينا -عليه الصلاة والسلام- ويسألها الله لنفسه وأهل بيته.
كما ثبت في الصحيحين والحديث في المسند، وسنن الترمذي، وابن ماجه وهو في أعلى درجات الصحة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:[اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا]-على نبينا وآل بيته والصحابة صلوات الله وسلامه- وفي رواية:[اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً] . والقوت هو مقدار الضرورة، بحيث لا تجوع ولا تفتر. والكفاف هو ما كفك عن سؤال الناس وكان بمقدار كفاتيك وحاجتك، فإذا حصلت هذا فاحمد الله، فقد كان خير خلق الله يسأل ربه هذا، فإن المال إذا زاد وكثر يؤدي إلى البطر، والحاجة إذا لم تتيسر يتشوش البال، فإذا رزقت الكفاف وكان عندك ما يكفيك فاحمد الله واقنع بما قسم الله.
هي القناعة فالزمها تعش ملكا ... لو لم يكن لك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن
هذا هو الأمر الأول.
والأمر الثاني من صفتهم: أنهم لا يتعلقون بالدنيا لأن من أحبها صار أسيراً لها وعبداً لها وقد أخبر نبينا – صل الله عليه وسلم- عن هذا، الحقيقة أن من أحب الدنيا سيعرض عن الآخرة ففي مسند الإمام أحمد وبن حيان والحاكم والطبراني في الكبير والبزار في مسنده وإسناده حسن عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صل الله عليه وسلم- يقول:[من أحب دنياه أخر بآخرته من أحب آخرته أخر بدنياه] .