إذاً الصفة الثانية من صفاتهم التي يتحقق بها عدم الإلتهاء والاشتغال أنهم لا يحبون هذه الدنيا ولا تسكن في قلوبهم إنما هي عرضٌ بين أيديهم بالإستعانة به على طاعة ربهم -جل وعلا- والصفة الثانية إذا جاءت الدنيا إليهم واكتسبوها من طريق حلال وضعوها في مصارفها الشرعية وما بخلوا بها فما يبخلون بهذا المال والله -جل وعلا- حذرنا من البخل بالمال ومن عدم إعطاء الحق من المال وأخبرنا أن فريقاً من الناس عاهدوا الله أنه إذا جاءتهم الأموال سيخرجون منها ذات اليمين وذات الشمال ثم بخلوا فأعقبهم الله نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه قال -جل وعلا- {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِين * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}(١) فهذا المال ينبغي أن تخرج الحق الواجب منه وأن تنفق منه في سبيل الله في كل جهة ممن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك وهذا المال إذا أنفقت شيئا منه فهو الذي يبقى لك وما تتركه فلن تملكه [أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فالمال لك] .