هذا معنى الحديث ولا يفهم منه إلا هذا وأما أن تشد الرّحل بعد ذلك لزيارة أخ في الله في مكان من الأمكنة أو أن تشد الرحل إلى مسجد من المساجد وبيت من بيوت الله لتحضر فيه موعظةً درس علم تتلقى فيه حديثاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا من القربة والطاعة وأنت ما شددت الرّحل إلى المكان إنما شددت الرّحل لما سيكون في ذلك المكان وشتان شتان بين الأمرين أنت ما شددت الرحل من أجل تعظيم تلك البقعة وأن لها ميزة خاصة على البقعة التي بجوارك إنما شددت الرحل وركبت الدابة ووسيلة السفر من أجل أن تُحِّصل طاعة وفائدة وعلم لا يكون في جهتك فهذا قربة وكان سلفنا الكرام -رضوان الله عليهم- يتنافسون فيه وقد قص الله علينا في كتابه في سورة الكهف قصة نبي الله وكليمه -على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه- كيف ذهب مع العبد الصالح الخضر قال:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً}(١) وشد الحل إليه مع غلامه وتذود مع غلامه ويمشي مسافة بعيدة للقاء هذا العبد الصالح وبعد ذلك تبعه من أجل أن يتعلم منه وقصته طويلة مذكورة في القرآن الكريم ومع ذلك ودَّ نبينا -عليه الصلاة والسلام- لو أن نبي الله موسى -على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه- صبر ليقُص علينا من أمره مع هذا العبد الصالح العجب والعجائب والحديث ثابت في صحيح البخاري وغيره فالرحلة لأجل درس وموعظة وزيارة أخٍ وصلة رحم هذه مشروعة تثاب عليها لا يَصْلُح بحال أن تستدل بهذا الحديث على تحريمها وإذا كان من يكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- فليتبوأ مقعده من النار له هذا الجزاء فليوطن نفسه على هذه العقوبة من يُحَمِّل كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لا يحتمله وإذا لم تكن من أهل الإستدلال والنظر فقف عند حدك ولا داعي للتطاول وأنا أقول لهذا الصنف الذي كثر في بلاد المسلمين ويستدل بحديث نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام على ما لا