يدل عليه أقول لمن يتشككون في هذا الأمر أرجعوا إلى كتاب من كتب أئمتنا لحافظ الدنيا في زمانه الإمام الخطيب البغدادي الذي توفي سنة ٤٦٣هـ ألف كتاب سماه الرحلة في طلب الحديث ولا يقصد بالرحلة الترغيب في الرحلة فهذا معلوم من الدين بالضرورة إنما قرر في هذا الكتاب من رحل من الصحابة الكرام فمن بعدهم في طلب حديث واحد. أما أنهم رحل في طلب العلم وفي طلب أكثر من حديث فهؤلاء لا يحصون كتابا بكامله رحل عدد من سلف الكرام منهم جابر بن عبد الله وغيره -رضي الله عنهم أجمعين- كما في هذا الكتاب من أجل طلب حديث واحد يشد رحله من بلاد العراق إلى مصر من المدينة المنورة إلى مصر من أجل أن يلتقي بالصحابي الذي حمل الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ليسمعه منه مباشرة لئلا يأخذه عنه بواسطة مسافات في تلك العصور وفي ذلك تعب كثير ثم إذا سمع الحديث يَكُّر راجعاً فلا يستقر في ذلك المكان ولا لأجل تناول ضيافة حديث واحد – الرحلة في طلب الحديث. ولذلك قال أئمتنا كما هذا هو نظم الإمام زين الدين عبد الرحيم الأثري عليه رحمة الله في منظومته في قواعد علوم الحديث والمصطلح يقول:
وأخلص النية في طلبك ... وجدّ وأبدأ بعوالي مصرك
وما يَهمُ ثم شد الرحل ... لغيره ولا تساهل حملا
واعمل بما تسمع في الفضائل ... والشيخ بجله ولا تتثاقل