ونبقى في سعة وفي بحبوحة ورحمة الله واسعة وقال في ٣٥/ (٣٥٧-٣٨٨) من مجموع الفتاوي ما تنازعت الأمة فيه إذا وقع فيه نزاع بين الحكام وبين آحاد الناس المسلمين من العلماء أو الجند أو العامة. لم يكن للحاكم أن يحكم فيها على من ينازعه ويلزمه بقوله ويمنعه من القول الآخر فضلا عن أن يؤذيه أو يعاقبه. فهذا سيدنا عمر رضي الله عنه لم يلزم أحداً أن يأخذ بقوله وهو: إمام الأئمة كلها وأعلمهم وأدينهم وأفضلهم فكيف يكون واحداً من الحكام خيراً من سيدنا عمر رضي الله عنه. هذا إذا كان حكم في مسألة اجتهاد تتنازعها الأدلة. ثم بعد أن ذكر أمثلة كثيرة عليها قال: فهذه الأمور الكلية ليس لحاكم من الحكام كائنا من كان ولو كان من الصحابة أن يحكم فيها بقوله على من نازعه فيقول ألزمته أن لا يفعل ولا أفتي إلا بالقول الذي يوافق مذهبي فإن كان عنده علم تكلم بما عنده وإن كان عند منازعه علم تكلم به فإن ظهر الحق في ذلك وعرف حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجب على الجميع إتباعه وإن خفي ذلك أقر كل واحد على قوله ولم يكن لأحدهما أن يمنع الآخر إلا بلسان العلم والحجة والبيان فيقول ما عنده من العلم ثم ختم المسألة بقوله: وولى الأمر إن عرف ما جاء ما في الكتاب والسنة حكم بين الناس به وإن لم يعرفه وأمكنه أن يعلم ما يقول هذا وما يقول هذا حتى يعرف الحق حكم به وإن لم يمكنه لا هذا ولا هذا ترك المسلمين على ما هم عليه كلٌ يعبد الله على حسب اجتهاده.