وهكذا قول الله عندما يتحدث عن نبيه عليه الصلاة والسلام وقيامه بالدعوة {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} .
وهذا أعظم وصف يتصف به المخلوق أن يقال إنه عبد للخالق ويراد من هذه العبودية عبودية الاختيار وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحب هذا الوصف فيه وأمرنا أن نذكره به عليه صلوات الله وسلامه.
ففي مسند الإمام أحمد وصحيح البخاري والحديث رواه الإمام الترمذي في الشمائل المحمدية على نبينا خير البرية صلوات الله وسلامه ورواه الإمام الدارمي في مسنده ورواه الحميدي في مسنده وأبو داود الطيالسي في مسنده أيضا ورواه الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه ورواه الإمام العدني وهو حديث صحيح صحيح من رواية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:[لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله] .
والإطراء: هو المدح بالباطل ومجاوزة الحد بالمدح، فإياك إياك أن ترفع نبينا عليه الصلاة والسلام إلى مستوى ذي الجلال والإكرام.
نعم هذه العبودية لها شأن كبير عند من يعي إذا حققها ذاق حلاوة الإيمان لا خوف عليه مما يستقبله ولا يحزن على ما يتركه هو على اهتداء في هذه الحياة وله الأمن بعد الممات هذا الصنف الأول حققوا فيهم هذه العبودية لرب البرية، هم أولياء الله حقا وصدقا، فهؤلاء القليل منهم كثير عند الله الجليل {إنما يتقبل الله من المتقين} كما سيأتينا في خطوات البحث.
والصنف الثاني:
يقابل هذا الصنف وهم أولياء الشيطان الملعون وأعداء الحي القيوم وهم الذين زالت عنهم وصف العبودية الاختيارية لرب البرية في هذه الحياة زال عنهم ذلك الوصف فلا يقبل منهم عمل وهم كافرون بالله عز وجل.
ولو قدر أنه صدر منهم بعض الطاعات تضرب بها وجوههم ولا تقبل عند رب الأرض والسموات.