للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" وفي سنن الترمذي وغيره بإسناد صحيح عن فضالة بن عبيد – رضي الله تعالى عنه – أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: "طوبى لمن هُدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع (١)


(١) انظر سنن الترمذي – كتاب الزهد – باب ما جاء في الكفاف: (٧/٩٥) ،وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو في المسند: (٦/١٩) ، والمستدرك – كتاب الإيمان: (١/٣٥) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، واقره الذهبي، وصحيح ابن حبان – موارد الظمآن – كتاب الزهد – باب في القناعة: (٦٣١) ، ورواه النسائي في الكبرى كما في تخريج أحاديث الإحياء: (٣/٢٣٢) .
وثبت في صحيح مسلم – كتاب الزكاة – باب في الكفاف والقناعة: (٢/٧٣٠) ، وسنن الترمذي – المكان المتقدم – وسنن ابن ماجه – كتاب الزهد – باب القناعة –: (٢/١٣٨٦) ، والمسند: (٢/١٦٨، ١٧٣) ، والمستدرك – كتاب الأطعمة: (٤/١٢٣) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي مع أنه في صحيح مسلم كما تقدم عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله تعالى عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه" والكفاف: ما كف عن السؤال، كما في غذاء الألباب: (٢/٥٢٥) ، ولذلك قال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب: (٤/٦٩) ، والكفاف الذي ليس فيه فضل عن الكفاية، وروى أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب عن سعيد بن عبد العزيز، أنه سئل: ما الكفاف من الرزق؟ قال: شبع يوم، وجوع يوم ١هـ وفي جامع الأصول: (١٠/١٣٨) : والكفاف: الذي لا يفضل عن الحاجة ولا ينقص ١٠هـ.

قال عبد الرحيم – غفر الله له ذنوبه أجمعين – وهذان الحديثان يشهدان لحديث أبي أمامة – رضي الله تعالى عنه – الذي جرى حوله كلام من قبل بعض الأئمة الأعلام، فيؤكد أن كونه من الأحاديث الحسان، حسبما قرره بعض الأئمة الكرام، ولفظ الحديث عن نبينا – عليه الصلاة والسلام –: "إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ، ذو حظ من الصلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر، وكان غامضاً في الناس لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافاً، فصبر على ذلك، ثم نفض بيده، فقال: عجلت منيته، وقلت بواكيه، قل تراثه" والحاذ: الحال، والظهر كما في اللسان: (٥/٢٠) "حوذ" والمراد في الحديث كما في الترغيب والترهيب: (٤/١٥٤) : خفيف الحال، قليل المال وفي جامع الأصول: (١٠/١٣٨) : والخفيف الظهر من العيال، القليل المال القليل الحظ من الدنيا ١هـ، والحديث رواه الترمذي – المكان المتقدم – وقال: هذا حديث حسن وأقر الشيخ الأرناؤوط في تعليقه على جامع الأصول: (١٠/١٣٧) تحسين الترمذي، فقال: وإسناده حسن، قال الترمذي: هذا حديث حسن ١٠هـ وهو في سنن ابن ماجه – كتاب الزهد باب من لا يؤبه له: (٢/١٣٧٩) ، والمسند: (٥/٢٥٢) ، ومسند الحميدي: (٢/٤٠٤) ، والمستدرك – كتاب الأطعمة: (٤/١٢٣) ،وقال: هذا إسناد للشاميين صحيح عندهم ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: لا، بل إلى الضعف هو، وحكى المنذري في الترغيب والترهيب: (٤/١٥٤) تصحيح الحاكم وقال: كذا قال، وقد حكم الإمام العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: (٣/٢٧١) على سندي الترمذي وابن ماجه بالضعف، فقال: رواه الترمذي وابن ماجه بإسنادين ضعيفين ١٠هـ وانظر زيادة تقرير في فيض القدير: (٢/٤٢٧) ، والله تعالى أعلم.
وفي كتاب العزلة: (٨٧) قصة طريفة فيها تقرير ما ورد في هذا الحديث الشريف، فدونكها، وحذار حدذار من الغفلة عنها: قال الأمير زياد لجلسائه: من أغبط الناس عيشاً؟ قالوا: الأمير وجلساؤه، فقال: ما صنعتم شيئاً، إن لأعواد المنبر هيبة، وإن لقرع لجام البريد لفزعة، ولكن أغبط الناس عندي رجل له دار لا يجري عليه كراها، وزوجة صالحة قد رضيته ورضيها، فهما راضيان بعيشهما، لا يعرفنا ولا نعرفه، ولأنه إن عرفنا وعرفناه أتعبنا ليله ونهاره، وأهذهبنا دينه ودنياه ١٠هـ.