للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى الثاني:- من المعاني الثلاثة غير المعنى الأول {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} تتقلب القلوب يوم القيامة إلى يقين بعد شك، فالكفار الذين شكوا في هذه الحياة يوقنون بالحقيقة في ذلك الوقت على التمام، لكن ذلك إلا قال لا تنفعهم تقلبت قلوبهم بعد أن كفروا آمنوا، لكن الإيمان لا ينفعهم في ذلك الوقت، تقلبت القلوب وتغيرت، وأما الأبصار فهذه الأبصار التي كان فيه حدة وشدة في هذه الحياة وتلمز المؤمنين وتغمزهم هذه الأبصار تنكسر في ذلك الوقت وتتقلب وتكون ذليلة بطرقة خائفة، وهذا معنى ثانٍ أيضاً من معاني الآية من المعاني الثلاثة الأخرى، وآخر معنى وهو الثالث والرابع يكون مع المعنى الأول {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} تقلب القلوب والأبصار عندما تكون في النار كما قال العزيز الغفار {إنَّ الله لعن الكافرين وأعدَّ لهم سعيراً * خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولاً *} .

وقال جل وعلا في سورة الأنعام: {ونقلب أفئدتهم كما لم يؤمنوا به أول مرة، ونذرهم في طغيانهم يعمهون} على معناً من المعنى التي تحتمله هذه الآية الكريمة كما هو مقرر في كتب التفسير عليه تقلب أفئدتهم، عقولهم وقلوبهم وأبصارهم في النار، إنهم لم يؤمنوا وهذا لم يؤمنوا بالقرآن وبالرحمن وبنبينا - صلى الله عليه وسلم - في الحياة، {ونقلب أفئدتهم ونذرهم في طغيانهم يعمهون} .

وكما قلت هذا أحد المعاني الذي تحتمله هذه الآية في سورة الأنعام وأرجح المعاني ما قدمته وهو أن القلوب في ذلك الوقت تتطرب وتخفق خفقاً وفزعاً من هول ذلك اليوم وتتحول من أماكنها وتصل إلى الحناجر فلا تخرج ولا تعدد إلى مكانها وهكذا الأبصار تدور وتزيغ {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} .