.. إذا غلب على عبد الرجاء، عند مفارقة دار الابتلاء، فإن ذلك سيدفعه لحسن ظنه برب الأرض والسماء، ونحن مأمورون بذلك في وقت الرجاء، فكيف في حال السياق؟ ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "يقول الله – عز وجل –: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منه، وإن تقرب إليّ شبراً، تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً، تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة" وفي المسند دخل واثلة ابن الأسقع – رضي الله تعالى عنه – على أبي الأسود في مرضه الذي مات فيه، فسلم عليه، وجلس، فأخذ أبو الأسود يمين واثلة فمسح بها على عينيه ووجهه لبيعته بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال له واثلة: واحدة أسألك عنها، قال: وما هي؟، قال: كيف ظنك بربك؟، فقال أبو الأسود، وأشار برأسه، أي: حسن، فقال واثلة: أبشر فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: "قال الله – عز وجل –: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء (١)
(١) الحديث رواه البخاري – كتاب التوحيد بسندين – باب "١٥"، وباب "٣٥": (١٣/٣٨٤، ٤٦٦) ، بشرح ابن حجر، ومسلم – كتاب الذكر والدعاء – باب الحث على ذكر الله تعالى – وباب فضل الذكر والدعاء، والتقرب إلى الله تعالى: (٤/٢٠٦١، ٢٠٦٧) ، وكتاب التوبة – باب الحض على التوبة والفرح بها: (٤/٢١٠٢) – باب حسن الظن بالله تعالى –: (٩/٢٩٩) ، وابن ماجه – كتاب الأدب – باب فضل العمل: (٢/١٢٥٦) ، والمسند: (٢/٢١٥، ٣١٥، ٣٩١، ٤١٣، ٤٤٥، ٤٨٠، ٤٨٢، ٥١٦، ٥١٧، ٥٢٤، ٥٣٤، ٥٣٩) ، وابن حبان – موارد الظمآن – كتاب الأدعية – باب حسن الظن بالله تعالى: (٥٩٥) ، كلهم عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – وانظر رواية واثلة – رضي الله تعالى عنه – في المسند: (٣/٤٩١، ٤/١٠٦) ، والدارمي – كتاب الرقاق – باب حسن الظن بالله تعالى –: (٢/٣٠٥) ، ورواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد – كتاب الجنائز – باب حسن الظن بالله تعالى –: (٢/٣١٨) ، وفيه: ورجال أحمد ثقات، ورواه ابن حبان – موارد الظمآن – كتاب الأدعية – باب حسن الظن بالله تعالى –: (٥٩٥) ، والحديث روي عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنهما – في المسند: (٣/٢١٠، ٢٧٧) ، قال الهيثمي في المجمع – المكان المتقدم – وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام، وعزاه إلى يعلى في كتاب الأدعية – باب "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" وباب حسن الظن بالله تعالى –: (١٠/١٤٨) ، وقال: هو حديث حسن ورجاله رجال الصحيح، وقد روى الحديث الطبراني عن معاوية بن حيدة – رضي الله تعالى عنه – كما في المجمع – المكان المتقدم – وفيه: يحيى بن إبراهيم، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.