للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. وهذا إذا لم يقدروا على خلعه بلا فتنة وظلم وحرب كما قرر ذلك أئمة الدين ففي فتح الباري نقلا ً عن الداودي بواسطة ابن التين – عليهما رحمة رب العالمين – قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه فلا فتنة ولا ظلم وجب، وإلا فالواجب الصبر ١هـ ونحوه في تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار، وحاشيته رد المحتار، وحاصل ذلك أن الإمام إذا جار لا ينعزل إذا كان يترتب على عزله فتنة ومفسدة احتمالاً لأخف المضرتين وأدناهما أو كان له قهر وغلبة لعوده بالقهر والغلبة، فلا يفيد عزله، وإن لم يكن له قهر ومنعة، ولا يترتب على عزله مفسدة ومضرة ينعزل بجوره (١) .

... واعلم- علمني الله وإياك - أنه بهذا التفصيل يظهر أنه لا تعارض بين قول بعض أهل السنة الكرام: تنفسخ إقامة الخليفة بفسقه الظاهر المعلوم، ويخلع، وبين قول من قال من أهل السنة الأبرار: لا يجوز القيام عليه، ولا خلعه إذا ارتكب فسقاً، فالقول الأول ينزل على الحالة الأولى والثانية على الثانية، ولا تعارض بينهما، والله تعالى أعلم.

تنبيهان:

الأول: في حالة طاعة الإمام الذي طرأ عليه الفسق ينبغي ضرورة الالتزام بأمرين، فالتفريط بأحدهما هلاك:


(١) انظر فتح الباري: (١٣/٨) ، ورد المحتار: (٤/٢٦٤) ، وانظر البحث في هذه المسألة في شرح الإمام النووي على صحيح مسلم: (١٢/٢٢٩) ، والجامع لأحكام القرآن: (١/٢٧١) ، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن –: (١/٢٧١) ، والأحكام السلطانية للماوردي: (١٧) .