إخوتى الكرام: كما قلت نحن فى القضية الثالثة فى حكم التناكح بين الإنس والجن كنت أشرت فى آخر الموعظة الماضية إلى أن الحكم هو المنع ولا يجوز أن يتجوز الإنسى الجنية ولا الجنى إنسية وهذا هو المقرر عند جماهير أئمة المسلمين عند أبى حنيفة وعند الشافعى وعند الإمام أحمد وقلت الإمام مالك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا كرهه لاعتبار معين سيأتينا إن شاء الله وإن كان يرى أن الأصل الجواز والعلم عند الله جل وعلا وقلت إن الذى يظهر القول بالمنع وأن التحريم فى حق كل أحد من الإنس والجن فلا يجوز أن يقع التزاوج بينهما لسبعة أمور وقلت لكم اكتبوها إجمالا فى آخر الموعظة الماضية وأشرحها الآن تفصيلا وترى بعد ذلك سعة هذه الشريعة وعظمتها ودقتها كما قلت فى تشريعها ويزداد الإنسان بصيرة بأن هذا الشرع هو شرع الحكيم الخبير سبحانه وتعالى.
أول هذه الأمور كما تقدم معنا إخوتى الكرام التى تدل على التحريم قلت كتاب الله وثانيها حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وثالثها الآثار المنقولة عن سلفنا الكرام ورابعها القياس السوى الذى هو من أعلى أنواع الأقيسة لهذه المسألة ألا وهو قياس الأولى كما سيأتينا وخامسها التمسك بالأصل فالأصل فى الأبضاع التحريم ولا يحل لك بضع إلا بدليل كما سيأتينا وسادسها اختلاف الجنس وسابعها عدم حصول المقصود من الزواج عند تزاوج الإنسى بجنية أو جنى بإنسية لا يحصل مقصود.
التزاوج مقصود النكاح وهو السكن الذى أشار إليه ربنا فى كتابه كما سيأتينا ومن أجله يتزوج الإنسان فلن يحصل هذا المقصود وبالتالى لا يجوز التناكح بين الإنس والجن.
الدليل الأول: كتاب الله جل وعلا دل على تحريم التناكح بين الإنس والجن والله أشار إلى هذا فى آيتين من كتابه جل وعلا:
الآية الأولى: فى سورة النحل وفيها يقول عز وجل: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون} .