الحكمة الرابعة أخذنا فيها وقتا غير قليل فى مدارستها ألا وهى أن لذة النكاح فى هذه الحياة تذكر بلذة النكاح التى تكون فى نعيم الجنات عند تمتع المؤمنين بالمؤمنات والحوريات وتقدم معنا أن هذه الشهوة هى أعظم المشتهيات عند المخلوقات وهى ألذ اللذائذ الحسية مع ما فيها من آفات ردية وإذا تعلقت النفس البشرية بهذه الشهوة فى هذه الحياة مع ما فيها من آفات فحرى بها أن تتعلق بها فى الدار الآخرة حيث لا يوجد فيها آفة من الآفات ولذلك ما ذكر الله فى الجنة من نعيم عظيم ينبغى أن يحث ذلك التذكير والذكر هممنا إلى ما رغبنا فيه ربنا ورحمة الله ورضوانه على سيد المسلمين وإمامهم الإمام الحسن البصرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عندما كان يقول ما حلى الله الجنة ولا جلاها لأحد من الأمم السابقة كما حلاها وجلاها لهذه الأمة يعنى ما نعت الله الجنة بالأوصاف التى فيها بحيث كأنهم يرونها أمام أعينهم ما نعت الله هذه الدار لأحد من الأمم السابقة كما نعتها لهذه الأمة والسبب فى ذلك أنها آخر الأمم وهى أحب الأمم إلى الله جل وعلا ومن أجل ذلك نعت الله ما فى الجنة لعباده المؤمنين لأتباع نبينا الأمين عليه وعلى وآله وصحبه صلوات الله وسلامه من أجل أن يشتاقوا ويتطلعوا إلى هذه الجنة وإلى ما أعد الله لهم فيها ما حلى الله الجنة ولا جلاها لأحد من الأمم السابقة كما حلاها ووصفها وبين ما فيها من نعمة وجلاها لهذه الأمة ثم قال الحسن البصرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وليس فينا عاشق لها يعنى مع ذلك الله جل وعلا حلاها لنا وجلاها لنا ورغبنا فيها وما فينا من يعشقها ويتعلق بها ويرغب فيها وحقيقة عجيب أمر الجنة كما تقدم معنا نام طالبها وعجيب أمر النار نام هاربها.