ومن عطل جوارحه عن الطاعات، وشغلها بالمخالفات، ثم رجا دخول الجنات، فهو من أهل السفاهات والحماقات عند أهل النهى الزاكيات، وهيهات أن يحصل ما رجاه عند رب الأرض والسموات.
ما بالُ دينك ترضى أن تُدنسَهُ ... وثوبك الدهرَ مغسولٌ من الدّنس ِ
ترجو النجاة ولم تسْلكْ مسَالِكها ... إنّ السفينة لا تجري على اليَبَس ِ
والله – جل وعلا – قرر هذا في كتابه فقال في سورة آل عمران:{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} آل عمران١٨٥، فماذا سيوفى من لم يقم بالعمل، ولم يقع منه إلا الفساد والزلل؟ إنه سيعاقب لما جرى منه من الخلل، فإذا طمع صاحب هذه الحالة في المثوبة عند الله – عز وجل – فهو بلا شك من أهل الزيغ والخطل، قال الإمام ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى –: الفرق بين الرجاء والتمني: أن التمني يكون مع الكسل، ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل، ولهذا أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل (١) .
وإليك بعد تلك الأمثلة الواضحات، الأدلة البينات، من كلام رب الأرض والسموات، وحديث خير البريات – عليه أزكى السلام وأفضل الصلوات –، وأقاويل سلفنا أهل العقول الزاكيات.
آيات القرآن الكريم:
(١) انظر مدارج السالكين: (٢/٣٥) وانظر الأمثلة الثلاثة والكلام عليها في الإحياء: (٤/١٣٩-١٤٠، ٣/٣٧٤) ، ومختصر منهاج القاصدين: (٣١٧) ، وموعظة المؤمنين: (٣٤٢، ٣٠٣) .