للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دل كلام ربنا الرحمن، على أن رجاء نيل الرضوان ودخول الجنات الحسان منوط بعمل الإحسان، والالتزام بشرع الإسلام، قال ذو الجلال والإكرام: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} البقرة٢١٨، قال الغزالي – عليه رحمة الملك الباري –: معناه: أولئك الذين يستحقون أن يرجوا رحمة الله – تبارك وتعالى – وما أراد به تخصيص وجود الرجاء، لأن غيرهم أيضاً قد يرجو، ولكن خصص بهم استحقاق الرجاء (١) .

وقال – جل وعز –: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} طه٨٢، فعلق ذو الجلال والإكرام، المغفرة على أربعة شروط حسان: التوبة من جميع الذنوب والآثام، ورسوخ الإيمان في الجنان، وقيام الجوارح بشعائر الإسلام، والاستمرار على ذلك حتى لقاء الرحمن، قال الغزالي – عليه رحمة الله –: وعد المغفرة في جميع كتاب الله – عز وجل – منوط بالإيمان والعمل الصالح جميعاً، لا بالإيمان وحده (٢) .


(١) انظر إحياء علوم الدين: (٤/١٤٠) وأقره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين: (٩/١٦٧) وقال القرطبي في تفسيره: (٣/٥٠) ، وإنما قال: "يرجون" وقد مدحهم لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة، ولو بلغ في طاعة الله – جل وعلا – كل مبلغ لأمرين، أحدهما: لا يدري بم يختم له، والثاني لئلا يتكل على عمله، ونحوه في السراج المنير: (١/١٤١) ، وروح المعاني: (٢/١١١) .
(٢) انظر الإحياء: (٣/٣٧١) ، ونحوه: (٤/١٦٧) ، وانظر تفسير الآية الكريمة كما قررت في الجامع لأحكام القرآن: (١١/٢٣١) ، وتفسير ابن كثير: (٣/١٦١) ، وروح المعاني: (١٦/٢٤٠) .