للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حلية الأولياء: عن معاوية بن قرة قال: دخلت على مسلم بن يسار – رحمهم الله جميعاً – فقلت: ما عندي كبير عمل إلا أني أرجو الله – عز وجل – وأخاف منه – فقال مسلم بن يسار: ما شاء الله، من خاف من شيء حذر منه، ومن رجا شيئاً طلبه، وكان مسلم بن يسار يقول: من رجا شيئاً طلبه، ومن خاف من شيء هرب منه، وما أدري ما حسب رجاء امرئ عرض له بلاء لم يصير عليه لما يرجو وما أدري ما حسب خوف امرئ عرض له شهوة لم يدعها لما يخشى، وفي الحلية والإحياء: كان مسلم بن يسار يطيل السجود لله الواحد القهار، فوقع الدم في ثنيتيه فسقطتا فدفنهما، فقال له رجل: إنا لنرجو الله – عز وجل – فقال مسلم: هيهات، هيهات من رجا شيئاً طلبه، ومن خاف شيئاً هرب منه (١) .


(١) انظر حلية الأولياء: (٢/٢٩١-٢٩٢) ، والإحياء: (٣/٣٧٤) ، ومسلم بن يسار توفي في نهاية القرن الأول – عليه رحمة الله تعالى – قال ابن كثير في البداية والنهاية: (٩/١٨٦) ، كان لا يفضل عليه أحد في زمانه، وكان عابداً ورعاً زاهداً كثير الصلاة والخشوع وكان يقول كما في الحلية: (٢/٢٩٤) : ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله – عز وجل – وقد بلغ تلذذه بمناجاة ربه – جل وعلا – كما في الكتابين السابقين وصفة والصفوة: (٣/٢٣٩-٢٤٠) ، وطبقات ابن سعد: (٧/١٨٦) أنه كان قائماً يصلي فوقع إلى جنبه حريق فما شعر به حتى طفئت النار، وانهدمت ناحية من المسجد، ففزع أهل السوق لهدتها، وإنه لفي المسجد في صلاته فما التفت، وهو من رجال أبي داود والنسائي، وابن ماجه كما في التقريب: (٢/٢٤٧) ، وفيه: إنه فقيه ثقة، عابد، وانظر ترجمته الطيبة في تهذيب التهذيب: (١٠/١٤٠-١٤١) ، ومشاهير علماء الأمصار: (٨٨) وشذرات الذهب: (١/١١٩) .

ومعاوية بن قرة القائل لمسلم بن يسار ما قال من أئمة التابعين الكبار توفي سنة ثلاثة عشرة ومائة – عليه رحمة الله تعالى – وهو من رجال الكتب الستة ثقة عالم كما في التقريب: (٢/٢٦١) وفي الحلية: (٢/٢٩٩) ، وصفة الصفوة: (٣/٢٥٧) عنه قال: كما عند الحسن البصري – رحمهم الله تعالى جميعاً – فتذاكرنا أي العمل أفضل، فكلهم اتفقوا على قيام الليل، فقلت أنا: ترك المحارم فانتبه لها الحسن، فقال: تم الأمر ثم الأمر – بالتاء المثناة، والثاء المثلثة –، وكان يقول: من يدلني على بكاء بالليل بسام بالنهار، انظر ترجمته الكريمة في تهذيب التهذيب: (١٠/٢١٦-٢١٧) ، وطبقات ابن سعد: (٧/٢٢١) ، ومشاهير علماء الأمصار: (٩٢) ، وشذرات الذهب: (١/١٤٧) .