.. كان الناس قبل الإسلام يعيشون في بيداوات من الجهل والظلم، والتقليد الأعمى، وفوضى الأخلاق يعيثون في الأرض فساداً، وسأقتصر على وصف حالهم، بكلام بعضهم، ثبت في مسند الإمام أحمد – عليه رحمة الله تعالى – بإسناد صحيح في حديث جعفر الطويل، وهجرته مع المؤمنين إلى الحبشة – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – وفيه أن جعفر بن أبي طالب قال للنجاشي: أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله – عز وجل – لنوحده، ونعبده، ونخلع ما نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، وعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا إلى جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك (١) .
(١) - انظر المسند: (١/٢٠٢، ٥/٢٩١) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: (٦/٢٧) : رجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع ١هـ والحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب الزكاة: (٤/١٣) رقم ٢٢٦٠، وقد أشار إلى رواية ابن خزيمة للحديث الحافظ في الفتح: (١٣/٣٥٣) والحديث رواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام: (٢/٨٧) مع الروض الأنف، وانظره في البداية والنهاية: (٣/٧٣) .