للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يطلق العلم في اللغة بإزاء معنيين:

أ- الاعتقاد الجازم، قال الله - جل جلاله -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} من سورة محمد - صلى الله عليه وسلم - ١٩، ومما ينبغي التنبيه له أن الاعتقاد الجازم تارة يكون حقاً، وذلك بمطابقته للواقع عن دليل، كاعتقاد المسلمين بأن الله - جل وعلا - واحدٌ لا شريك له.

وقد يكون الاعتقاد الجازم باطلا ً، وينحصر ذلك في عدم مطابقة الاعتقاد للواقع، كاعتقاد النصارى بأن الله ثالثُ ثلاثةٍ - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - (١) .


(١) وقد أشار ربنا - جل وعلا - بألطف إشارة، وأوجز عبارة إلى بطلان دعوى ألوهية عيسى وأمه - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - فقال في سورة المائدة ٧٥: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} فهما محتاجان للطعام كما هما محتاجان أيضاً لإخراجه عن طريق استلزام أكل الطعام لدفع الفضلات فلو منع عنهما الطعام ماتا جوعاً، ولو احتبس في بطنهما ماتا حرجاً وضيقاً، ومن كان هذا شأنه فالألوهية منتفية عنه بداهة، فالقيام بالنفس، والغنى عن الغير مما تستلزمه الألوهية، انظر تقرير هذا وإيضاحه في تفسير ابن كثير: (٢/٨١) وروح المعاني: (٦/٢٠٩) ، ومن اللطائف المتعلقة بهذا الموضوع ما في البداية والنهاية: (١٠/٢١٥) وتاريخ بغداد: (٥/٢٧٣) أن ابن السماك / محمد صَبِيح ت: (١٨٣) قال لهارون الرشيد لما أتى بقلة ٍ فيها ماء مبرد: بكم كنت مشترياً هذه الشربة لو منعتها؟ فقال بنصف ملكي، فلما شرب، قال: أرأيت لو منعت خروجها من بدنك بكم كنت تشتري ذلك؟ فقال: بنصف ملكي الآخر، قال: إن ملكاً قيمة نصفه شربة ماء، وقيمة نصفه الآخر بولة لخليق أن لا يتنافس فيه.