للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب- ويأتي العلم بمعنى غلبة الظن، ومنه قول الله - تبارك وتعالى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الممتحنة الآية ١٠.

فالمراد من قوله - جل وعلا -: "فإن علمتموهن" أي: غلب على ظنكم إيمانهن عن طريق الأمارات، وذلك بأن تستحلف المرأة المهاجرة أنها ما خرجت من بغض زوجها، ولا عشقها لرجل في غير بلدها، ولا رغبة من أرض إلى أرض، ولا التماساً لدنيا بل هاجرت حباً لله - جل جلاله، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وإنما كان العلم هنا بمعنى غلبة الظن؛ لأن الركن الأعظم لقبول الإيمان محله الجنان، وذلك مما لا يطلع عليه إنس ولا جان، إنما استأثر بعلمه الرحيم الرحمن، فلا يطلع على ما في القلوب إلا علام الغيوب - سبحانه وتعالى - (١) .

معنى "العلم" في الاصطلاح:

تنوعت عبارات العلماء في تحديد معنى العلم في الاصطلاح إلى أقوال كثيرة وأولاها عندي بالقبول أن يقال في تحديده: هو صفة ينكشف بها المطلوب (٢) .

معنى "علم التوحيد" باعتباره علماً مركباً على العلم المعهود:


(١) انظر تقرير ذلك وإيضاحه في كتب التفسير ففي مدارك التنزيل: (٥/١٨٨) " فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ " العلم الذي تبلغه طاقتكم، وهو الظن الغالب بظهور الأمارات، وتسميه الظن علماً يؤذن بأن الظن، وما يقضي إليه القياس جارٍ مجرى العلم ... إلخ وقد تتابع المفسرون على هذا انظر: مفاتيح الغيب: (٢٩/٣٠٦) ، والبحر والمحيط: (٨/٢٥٦) وإرشاد العقل السليم: (٨/٢٣٩) والسراج المنير: (٤/٢٦٥) ، وروح البيان: (٩/٤٨٢) ، وفتح القدير: (٥/٢١٥) ، وروح المعاني: (٢٨/٧٦) .
(٢) انظر تنوع تلك العبارات وتفصيلها في إرشاد الفحول: (٤) .