أحدهما: إنه جعل المقربين هم الأنبياء والشهداء فقط، فلما وجد في الشهداء أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، اعتقد أنهم في الجنة بعد الموت وقبل القيامة، ووجد الأنبياء أعلى مقاما من الشهداء فرأى أنهم كذلك من باب الأحرى والأولى.
وقد مر الكلام على هذا المعنى وتبين بما ناقضناه به من الصديقين أنه لا يصح أن يقتصر بالمقربين على الأنبياء والشهداء.
والأمر الثاني: ما في آخر هذه السورة، وهو قوله تعالى:{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ}[الواقعة ٨٨ و٨٩]، فلما رأى الحميدي هذه الآية وهي مقترنة بحالة الموت، إذ قبلها:{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} ... [الواقعة ٨٣ و٨٤](ق.٢٤.أ) اعتقد أن كون المقربين في الجنة إنما هو بإثر الموت.
ولذلك قال:(أولها المقربون المعجل لهم الجنة والنعيم، وثانيها أصحاب اليمين الذين لهم السلام معجلا فقط).
ولم يقل في المكذبين شيئا، ويلزمه أن يكون لهم بإثر الموت نزل من حميم وتصلية جحيم.
وإذا كان هذا كله في حين الموت فما الذي يبقى للآخرة، ولو أمعن النظر لرأى أن الآيات المتأخرة في التقسيم إنما عادت على الآيات المتقدمة في التقسيم، وهو من باب رد الأعجاز على الصدور عند أهل