للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان القصد به الإهانة فسيكون على مذهب (ابن حزم) (١) حال صاحب الكبائر من المؤمنين أسوأ من حال الكافر، لأن الكافر عنده يأخذ كتابه بشماله لا من وراء ظهره، ومن يأخذ كتابه بشماله من قبل وجهه أحسن حالا ممن يأخذ كتابه وراء ظهره، لأن أخذ هذا لكتابه (٢) يكون من قبل قفاه، وإن صرف وجهه إلى خلفه، كما ورد في التفسير، إذ حمل بعضهم قوله تعالى: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} [النساء: ٤٧] على ذلك (٣). (ق.٢٩.أ)

كان هذا الفعل أشد في الإهانة، فينبغي أن يجعل ذلك في حق الكافر المهان في كل حالة، فقد قال الله تعالى: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} [الحج: ١٨] متصلا بقوله: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: ١٨]، ولا يحق العذاب إلا على من هو كافر، كما قال: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ} [الزمر: ١٩].

وهكذا هي الإهانة إنما تطلق في القرآن في حق الكافر كما قال: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان:٦٩]، وقال: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} [النساء: ٣٧].

والشرع كله يأبى أن يكون الكافر أحسن حالا من المؤمن كان كيفما كان، فلا يصح أن يكون المؤمن دون الكافر في حال من الأحوال، بل الكافر


(١) سقطت من (ب).
(٢) في (ب): الكتاب.
(٣) هذا قول ابن عباس، واختاره ابن جرير (٥/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>