ولا يخلو على تأويل ابن حزم أن يكون قوله تعالى:{إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ}[الانشقاق: ١٤] إخبارا من الله تعالى عن ظن المذنب في الدنيا، أو عن ظنه عند أخذ الكتاب، فإن كان عند أخذ الكتاب فهو لم يحصل بعد في النار، وإن كان إخبارا عن ظنه في الدنيا فهو أبعد من النار وأبعد.
فإذن: لا يصح أن يطلق على المذنب ما أطلقه ابن حزم من كونه يظن أنه لا يرجع إلى النار وهو لم يدخلها بعد:
الرابع: قوله: (إنما هو ظن أن لن يحور إلى النار، ولم يقل تعالى: أن لن يحور إلينا)، وهذا منتقض، إذ يعكس عليه ويقال له: ولم يقل تعالى: إنه ظن أن لن يحور إلى النار، ثم يطالب بالدليل على قوله: إنما هو ظن أن لن يحور إلى النار، ولن يجد إلى ذلك سبيلا.
وأما الدليل على أن معنى الآية: إنه ظن أن لن يرجع إلى الله فظاهر من الآيات، إذ كل ما قلناه في الوجوه المتقدمة وفي بقية الكلام على المعنى الذي تضمنته حجة على ذلك، من حيث أثبتنا أن الآية إنما هي في الكفار لا غير.
ثم يلزم من قول ابن حزم أن معنى الآية: إنه ظن أن لا (١) يرجع إلى النار، أن يكون هذا الظن الذي قدره مذموما، وما من المؤمنين أحد إلا وهو يظن أن لا يدخل النار، وإن كان فيهم من يقع في المعاصي اتكالا على عفو الله تعالى وطمعا في رحمته.