للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس هذا الظن بمذموم منهم (ق.٣٦.أ) بالكلية، بل ربما كان محمودا، فإن الله تعالى يقول: «أنا عند ظن عبدي بي» (١) كما قاله - عليه السلام -، فحسن الظن بالله تعالى مرغوب فيه من الشرع في الجملة، فكيف يرد الله تعالى ذلك الظن على صاحبه بقوله: {بَلَى}.

وهذا الذي قلناه إنما هو على تأويل ابن حزم، وأما على تأويلنا في الآية فالظن المذكور فيها مذموم لا محالة، لأنه كفر كما قررناه.

ثم يلزم عن قول ابن حزم هذا شيء آخر لا يقول به وهو: إنفاذ الوعيد، وذلك أن بلى حرف إضراب وإيجاب، فالإضراب عما قبلها من الكلام من حيث يكون منفيا إما بهمزة الاستفهام على وجه التقدير، وإما بنفي مجرد.

والإيجاب هو للكلام الذي يأتي بعدها (٢) أبدا، والنفي ثابت في هذه الآية، إذ فيها حرف "لن" المذكور في قوله: {لَّن يَحُورَ} [الانشقاق: ١٤]، والجواب الذي بعد بلى محذوف، وهو موجب، وتقديره على تأويلنا: بلى ليحورن، أي: ليرجعن إلى الله بعد موته على ما قدمناه (٣).


(١) رواه البخاري (٦٩٧٠ - ٧٠٦٦) ومسلم (٢٦٧٥) والترمذي (٢٣٨٨ - ٣٦٠٣) وابن ماجه (٣٨٢٢) وأحمد (٢/ ٢٥١ - ٣١٥ - ٣٩١ - ٤١٣ - ٤٤٥ - ٤٨٢ - ٥١٦ - ٥١٧ - ٥٢٤ - ٥٣٤) وابن حبان (٨١١) عن أبي هريرة.
(٢) في (ب): بعد هذا.
(٣) من (وذلك أن بلى) إلى هنا كتبت في (أ) في الهامش، وعليها علامة التصحيح، لكن في بعض كلماتها طمس قليل، استدركته من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>