قال الحميدي بإثر الحديث المتقدم: ففي هذا بيان المقادير التي جعلها الله تعالى سببا لخروجهم من النار بالشفاعة على حسب مآلهم منها تفضلا من الله عز وجل، إذ جعل ما اكتسبوا من الخير وعملوه مما قد كان الله تعالى هو الموفق له والمعين عليه والمهيئ لآلات الاكتساب له سبيلا إلى الفوز والنجاة، تغمدا منه برحمته لهم، كما شاء لا إله إلا هو.
وفيه أن تلك المقادير المذكورة من مثقال برة وذرة إنما هي مما سوى الإيمان الذي هو قول لا إله إلا الله، لكن من سائر الأعمال التي تسمى إيمانا أيضا، لقوله تعالى فيمن قال لا إله إلا الله وليس له غيرها:«ليس ذلك لك».
وأبانهم عن أهل تلك المقادير لتوحده عز وجل بإخراجهم من النار.
وهذا بين والحمد لله، وهذا أيضا يبين أن الذي توحد الله عز وجل بإخراجهم من النار فيمن (ق.٤٣.أ) قال لا إله إلا الله ولم يعمل خيرا قط إنما هو من قالها مرة واحدة فقط مصدقا ومات على ذلك.
لأن قول لا إله إلا الله حسنة، فإذا كررها حصلت له حسنة أخرى، فهو أزيد خيرا ممن لم يقلها إلا مرة واحدة فقط.